القوة الناعمة الأمريكية وسياسة الحصار

فراس علاوي6 يوليو 2019آخر تحديث :
القوة الناعمة الأمريكية وسياسة الحصار

يبدو أن التصعيد الأمريكي ضد إيران جرى لا كما تشتهي السفن الإيرانية وإنما كما توجهها الرياح الأمريكية. إيران التي حاولت القفز إلى الأمام عن طريق التصعيد العسكري قوبلت بصمت أمريكي غير معتاد.

فبعد الاستفزازات الإيرانية في الخليج، التي كان آخرها إسقاط طائرة الاستطلاع الأميركية، استمر الأمريكان في سياستهم باستخدام القوة الناعمة المعتمدة على تصعيد الحصار سواء على إيران أو نظام الأسد، حيث من الملاحظ أن الأمريكان يتعاملون مع الملف الإيران والسوري بصفته مجموعة واحدة، وقوام هذا التعامل هو الحصار الاقتصادي والضغط على حكومات البلدين سياسياً واقتصادياً.

هذا الحصار وإن كان ينعكس بشكل أو بآخر على مواطني البلدين لكن في الوقت ذاته تبقى آثاره الكارثية أقل من آثار الحرب التي إن بدأت لايعرف أحد أين ستنتهي.

إن الحصار الأمريكي والعقوبات التي طالت جميع القطاعات الاقتصادية لحكومة نظام الأسد، طالت شحنات النفط الواردة إليه وذلك عن طريق فرض عقوبات على قطاع النفط الإيراني، المورد الأول للنفط لنظام الأسد. لقد ساهمت ثلاث متغيرات رئيسة، إضافة إلى العقوبات التي تطال الشركات الناقلة، في جعل تزويد نظام الأسد بالنفط أمراً بالغ الصعوبة، وتتمثل هذه المغيرات في إغلاق قناة السويس في وجه السفن الإيرانية، والتغيرات السياسية في الجزائر التي كانت تزود نظام الأسد بالنفط، واستهداف قوافل نقل النفط البرية العابرة عبر صحراء الأنبار العراقية باتجاه الأراضي السورية.

لم تنطل عمليات الخداع التي لجأت إليها حكومة طهران على الأمريكان والأوربيين، التي كان آخرها احتجاز سلطات جبل طارق يوم الخميس 4/يوليو/2019 لناقلة النفط “غريس 1” المتجهة إلى سوريا، التي تحمل مايقارب مليوني برميل نفط خام، باعتبارها تنتهك العقوبات الأوربية ضد نظام الأسد.

الناقلة التي أوقفت في الجزء الخاضع لسيطرة الحكومة البريطانية دليل على تعاون أوربي أميركي في تطبيق الحصار الاقتصادي على نظام الأسد، الذي سيؤدي حكماً إلى أزمة كتلك التي شهدها شتاء هذا العام، التي ظهرت تبعاتها جلياً في طوابير السيارات على محطات الوقود.

عمليات الإنهاك التي تمارسها الولايات المتحدة وحلفاؤها على كلا الحكومتين الإيرانية والسورية في تصاعد مستمر، وهو ماقوبل بتصعيد إيراني ضد بريطانيا وتهديدها بالمعاملة بالمثل على لسان رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام الذي هدد باستهداف الناقلات البريطانية في الخليج العربي، فيما اعتبر دليلاً على ملكية إيران للناقلة التي ترفع علم بنما، ويشير تسجيلها إلى أن مقر الشركة التي تديرها هو سنغافورة.

سياسة القوة الناعمة التي تمارسها أمريكا تمهد الطريق لعملية إنهاك وتفتيت السيطرة السياسية والقبضة الأمنية لكلا النظامين، وبالتالي سهولة التعامل معه وفرض الرؤية الأمريكية لمتغيرات الشرق الاوسط وتحجيم دور إيران في المنطقة والضغط على النظام السوري من أجل الانصياع إلى الحل السياسي وفق الرؤية الأمريكية، الذي يعني تجريد روسيا من أهم حلفائها في المنطقة.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل