زينة الحمصي – حرية برس:
تناول الكاتب الصحفي “أوين جونز” في مقال بصحيفة “الغارديان” مسألة الحرب الأمريكية-الإيرانية، مشيراً إلى أنّ حلفاء ترامب سيحاولون تصوير إيران كتهديد، كما فعلوا مع العراق. وحذر “جونز” من الوقوع في فخ الحرب.
وقال “جونز” لقد حدث ما حدث في العراق، وحدث في ليبيا أيضاً، حيث غرقت البلدان سريعاً بالدماء والفوضى. في عالم عادل، قد يتوقع المرء أنّ قادة هذه الكوارث (التي انتهت بقتل مئات الآلاف، وتشويه وإصابات لا حصر لها، وإنشاء الملايين من اللاجئين والمشردين داخلياً، وتحويل الدولتين إلى ملاعب للمتطرفين العنيفين)، سيتعرضون للطرد من الحياة العامة وستدمغ عليهم وصمة عار. إلا أنّه بدلاً من ذلك، يحتفظون بنفوذهم داخل الإدارة الأمريكية (والأكثر تصدراً للمشهد “جون بولتون” مستشار الأمن القومي لترامب)، وضمن المستويات الرئيسية لحزب المحافظين. كما أنّهم شرعوا في بناء القضية لحرب جديدة مع إيران بدون خجل ولكن مع الكثير من الدماء.
وأشار “جونز” في معرض حديثه إلى وابل الإهانات الذي تلقاه السياسي البريطاني ورئيس حزب العمال البريطاني المعارض “جيريمي كوربين” بعد رأيه في أنّ إعلان إدارة ترامب مسؤولية إيران بشأن هجمات الناقلة بحاجة إلى التدقيق، وأنّه “يتعين على بريطانيا أن تعمل لتخفيف التوترات في الخليج”، وقال: من المرجح أن يتم اعتبارك سياسياً محترماً إذا دعوت إلى الحروب التي ستحرق الأطفال النائمين وتفسد حفلات الزفاف أكثر مما لو كنت تدعو إلى وقف التصعيد والسلام. لا يهم أنّ وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي رددوا موقف “كوربين”، مطالبين بإجراء تحقيق مستقل من الأمم المتحدة والمزيد من الأدلة. كان موقف “كوربين” مثيراً للشفقة ومتوقعاً بحسب ما قاله “جيرمي هانت” المرشح لقيادة حزب المحافظين، متسائلاً عن سبب عدم تمكن “كوربين” من تقديم نفسه لدعم حلفاء بريطانيا أو المخابرات البريطانية أو المصالح البريطانية. إنّ الحلفاء الأوروبيين، والخيار أو الأشرار فقط هم الذين يستطيعون تخيل حريق شرق أوسطي جديد يرقى إلى “دعم المصالح البريطانية”.
ويرى “جونز” أنّ تعليقات المرشح الآخر لقيادة حزب المحافظين “مايكل غوف” هي إرشادات خاصة: “تعليقات كوربن على إيران تظهر مرة أخرى أنّه غير لائق للثقة بأمننا القومي”. حيث أنّ “غوف” دعا إلى غزو العراق بعد يومين من أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما زال يدعمها بشدة. ويتفق للمستشار السابق لحزب المحافظين “كين كلارك” مع “غوف” كرئيس للوزراء “سنخوض حرباً مع ثلاث دول على الأقل في وقت واحد”.
واستطرد “جونز” في مقاله بالقول: “يجب أن تخيفنا هذه الرغبة في الحرب لأنّه على الرغم من أنّ أمثال “غوف” لن يصبح رئيساً للوزراء، فإنّ الإجماع بين النخبة المحافظين واضح. بالنسبة ل”بوريس جونسون” (الذي تم تعيينه بالفعل من قبل الرئيس الأمريكي كمرشح مفضل له) فإنّ “استعادة السيطرة” تعني أن تصبح كلب الراعي للولايات المتحدة “دونالد ترامب”. وبالعودة إلى العام 2012، اقترح ترامب نفسه أنّ باراك أوباما قد “يلعب ورقة إيران من أجل بدء الحرب من أجل الحصول على انتخاب”، لذلك فهي استراتيجية مألوفة. ثم هل تعتقد حقاً أن حكومة الولايات المتحدة الرابحة لن تلتزم بالدعم البريطاني؟
ويرجّح “جونز” أنّ الحلفاء سيدعمون فكرة الحرب الأمريكية-الإيرانية، ففي الوقت الذي يدينون ترامب باعتباره تهديداً استبدادياً للبشرية، كديكتاتور فاشي محتمل، إلا أنّهم يحيّونه بمجرد أن بدأ إطلاق الصواريخ. هكذا كان الرد الأوروبي عندما وجه قوة نيران أمريكية إلى سوريا، بالتأكيد سوف يفعلون الشيء نفسه إذا سقطت الصواريخ على إيران.
وهنا يكمن الخطر، بحسب الكاتب؛ إذا حصل ترامب (بعد تمزيق الصفقة النووية) على الحرب التي يتوق إليها مستشاروه، سيكون هناك مؤثرون ممن يطلق عليهم “المعتدلون” والذين سيقولون نعم للحرب، الرئيس الأمريكي خطر حقيقي للغاية، نعم إنّه خطر على الديمقراطية والعالمية. حيث أصبح مفهوم السلام مبتذلا حقاً، لكن من المؤسف أننا يجب أن ندعمه، لأنّ إيران هي الخطر الوشيك الذي زعمناه في قضية العراق من قبل. نحن نعرف كيف ينتهي هذا الفيلم الذي شاهدناه من قبل، والحركة لوقف تكرار العراق وليبيا بحاجة إلى توحيد جهودهما الآن.
واختتم “جونز” مقاله بالقول: “تؤكد إيران على سخافة الذرائع المعينة لهذه الحروب. إذا كانت التهديدات للأمن القومي، أو انتهاكات حقوق الإنسان، أساساً حقيقياً للتدخل العسكري، كنا أطلقنا صواريخ على المملكة العربية السعودية منذ فترة طويلة، سواء كان ذلك لتصدير الإرهاب الدولي، أو لإسقاط القنابل على الحافلات المليئة بالأطفال اليمنيين في الطريق من النزهات. لكن من الواضح إلى أين نتجه. تلوح في الأفق الحرب، وإذا كان رؤساء الحرب العراقية والليبية يشجعون على طريقتهم الخاصة، فقد تكون هذه كارثة أسوأ من أي منهما”.
عذراً التعليقات مغلقة