ياسر محمد- حرية برس:
على مدى أكثر من شهرين وحتى الآن، التهمت الحرائق المفتعلة مئات آلاف الدونمات من القمح السوري الذي شارف على الحصاد، واستهدفت الحرائق مناطق بعينها هي الخارجة عن سيطرة نظام الأسد في محافظات (حماة، إدلب، الرقة، دير الزور، الحسكة) إضافة للسويداء، وهذه المناطق (الجزيرة خاصة) تنتج أكثر من ثلثي القمح في سوريا.
ولم يعد من شك بأن هذه الحرائق هي حرب تجويع يشنها النظام وميليشياته على الشعب السوري في تلك المناطق، ومع تراجع القدرة الشرائية للناس، تصبح الأمور أكثر تعقيداً.
ومع اقتراب الحصاد لما سلم من المحاصيل، وانتهاء مرحلة الحرائق بعد أيام بالضرورة، بدأت معارك الاستيلاء على الأقماح وتخزينها تظهر للعيان، للتحكم بقوت الناس وأسعار القمح في المرحلة اللاحقة التي تبدو صعبة وعسيرة.
ففي الجزيرة السورية، أصدرت ما تسمى “الإدارة الذاتية”، قراراً يقضي بمنع تصدير ومرور القمح إلى مناطق سيطرة النظام، وقال مسؤول كردي لوكالة رويترز إن سلطات “الإدارة الذاتية” ستمنع شحنات القمح من الدخول إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام، في محاولة لتعزيز الاحتياطيات.
وأوضح سلمان بارودو رئيس هيئة الاقتصاد في “إدارة شمال وشرق سوريا” أن إنتاج القمح في تلك المنطقة لعام 2019 سيصل إلى 900 ألف طن، على الرغم من الضرر الناتج عن أمطار غزيرة وحرائق كبيرة اجتاحت حقول المحصول.
وأضاف أن محصول القمح في العام الماضي بلغ نحو 350 ألف طن، باعت “الإدارة الذاتية” 100 ألف طن منه للنظام، ما يمثل نحو 40 بالمئة من مشترياته من كل أرجاء سوريا.
من جهته، حرص نظام الأسد على شراء حاجاته من القمح وتخزينها تزامناً مع قيامه بحرق محاصيل المناطق الخارجة عن سيطرته، في حرب تجويع معلنة ومفتوحة.
وقالت صحيفة الوطن الموالية إن 110 آلاف طن من القمح المستورد وصلت إلى ميناء طرطوس خلال أيام عيد الفطر، ويجري حالياً تفريغها.
ونقلت الصحيفة عن المدیر العام لمؤسسة الحبوب التابعة للنظام، یوسف قاسم، أنه بعد تفریغ البواخر سیتم شحن الأقماح إلى المحافظات (التابعة لسيطرة النظام) حسب الحاجة.
الحرائق غير المسبوقة في تاريخ سوريا، ما زال الفاعل فيها مجهولاً! إذ تبنى تنظيم داعش إحراق المحاصيل في مناطق بدير الزور تعود لمزارعين عرب، فيما أشار المزارعون العرب إلى ميليشيات “قسد” التي تسيطر على المنطقة، لكن تمدد النيران إلى أملاك مزارعيها بدد الشكوك جزئياً، واستغاثت “الإدارة الذاتية”، أمس الثلاثاء، بقوات التحالف الدولي لمساعدتها على إخماد الحرائق بعدما تغلغلت وتوسعت في مناطق سيطرتها، وتشير “قسد” إلى تنظيم داعش ونظام الأسد كمتهمين رئيسين في القضية.
أما في إدلب وأرياف حماة، التي أتت الحرائق على معظم محصول القمح فيها، فإن المتهم الوحيد هو نظام الأسد، إذ رصد المزارعون والسكان آليات حرق الحقول التي يتبعها النظام، ولا مصلحة لأحد سواه فيها.
وبينما يعمل النظام على تخزين احتياجاته عبر الاستيراد، وتلجأ “قسد” إلى شراء وتخزين ما تبقى من محاصيل مناطقها، فإن إدلب وجوارها هم المتضرر الأكبر، ليس لجهة حرمانهم من منتوجهم الاستراتيجي فقط، وإنما لجهة تأمين قوت نحو أربعة ملايين مدني يقطنون المنطقة، ما يجعلهم تحت رحمة النظام أو “قسد”، إلا إن قام الحليف التركي بتأمين كامل احتياج المنطقة من القمح الذي يعدُّ المادة التي لا غنى عنها في ثقافة الطعام للسوريين.
Sorry Comments are closed