حرية برس
قد يستغرق الأمر ثلاثين عامًا، لكن السياسات البيئية تنجز العمل على الأقل. هذه هي النتيجة التي نستخلصها من مقالٍ نُشر في مجلة “العلوم”science في 30 يونيو/حزيران 2016. حيثُ كشفَ باحثون أنَّ البيانات تُظهر مؤشرات لالتئام طبقة الأوزون فوق القطب الجنوبي، وذلك بفضل توقيع “اتفاقية مونتريالMontreal Protocol ” في العام 1987.
اتفاقية مونتريال، هي معاهدةٌ دوليةٌ اتفقت فيها الدول على الحدّ من استخدام المواد المستنفدة للأوزون، من مثل مركبات الكربون الكلورية الفلورية (CFCs)، التي عُثر عليها في مجموعة متنوعة وواسعة من المنتجات الاستهلاكية والصناعية في ذلك الوقت.
دخلت الخطة حيّز التنفيذ في العام 1989، والآن بعد 27 عامًا يبدو أنَّ الخطة تعمل بالفعل، وذلك وفقًا لهذه الدراسة الحديثة وتقارير أخرى في السنوات الأخيرة، حيث أظهرت أن الثقب في طريقه إلى الشفاء. وتبين الدراسة أن ثقب الأوزون قد تقلّص بمقدار 1.5 مليون ميلٍ مربع منذ الذروة التي بلغها في العام 2000، بفضل الحد من مركّبات الكربون الكلورية الفلورية وتغيير أنماط الطقس.
يساعد ارتفاع الأوزون في الغلاف الجوي على حماية الحياة على الأرض من الإشعاعات الضارة. ويشيع الاستنفاد في طبقة الأوزون في أشهُر الصّيف فوق القطب الجنوبي، ما أدى إلى ‘ثقب الأوزون’ الموسمي الذي يراقبه الباحثون. وإذا استمرت الأمور في التحسن، فسيكون بالوسع ترميم ثقب الأوزون تمامًا بحلول العام 2050.
قالت الباحثة الرئيسية “سوزان سولومون Susan Solomon”: الأمر الأكثر إثارة بالنسبة لي شخصيًا، هو أنَّ هذا الأمر يُظهر نتيجة لكثير من أعمالي الخاصة على مدى 30 عامًا كاملة”، حيث كانت سولومون من العلماء الذين دعوا لاتفاقية مونتريال منذ العام 1987.
“كان العلم مفيدًا في عرض المسار، حيث تمكن الدبلوماسيون والدول والصناعة بشكل لا يصدق من رسم مسار خارج هذه الجزيئات، وقد رأينا أنَّ الأرض بدأت بالتحسن، إنه أمر رائع”.
أظهر عمل العالمة سولومون في العام 1986 أنَّ مركبات الكربون الكلوروفلورية قد تتحلل إلى مادة الكلور وتشق طريقها إلى الغيوم في طبقة الستراتوسفير. وعندما يتفاعل الكلور مع أشعة الشمس في هذه الغيوم، فإنه يسبب تآكل الأوزون في الغلاف الجوي. ويخف حدوث هذه التفاعلات الآن مع حظرٍ لمركّبات الكربون الكلوروفلورية، وعليه يجب أن يَصغُر ثقب الأوزون أكثر فأكثر.
هناك عَقبة واحدة، هي الانفجارات البركانية، ففي السنوات الأخيرة أعاقت النشاطات البركانية عملية الالتئام بوجود البراكين التي تبعث بالهباء المدمِّر عاليًا في الغلاف الجوي، والذي يدمر طبقة الأوزون. وخاصة ثوران “بوهيو- كوردون كول” Puyehue-Cordón Caulle في العام 2011 و”كالبوكو” Calbuco في العام 2015، وساهموا بحدوث ثقوب أكبر بكثير من المتوقع، في الحقيقة كان ثقب العام 2015 هو الأكبر على الإطلاق.
قد لا نتمكن من التحكُّم بالنشاطات البركانية، لكن هذا البحث هو بادرة أمل بأن يكون بمقدور البشر تصحيح أخطاء ماضينا.
قالت العالمة سولومون: “يمكننا الآن الشعور بالثقة بأن ما قمنا به وضع الكوكب في طريق الشفاء، و هو شيء جيد جدًا بالنسبة لنا، أليس كذلك؟ ألسنا بشرًا مُذهلين، لقد فعلنا شيئًا تشاركنا فيه جماعيًا كعالم كامل، “دعونا نتخلَّص من هذه الجزيئات؛ فتخلُّصنا منها، وها نحن الآن نرى استجابة الكوكب”.
عذراً التعليقات مغلقة