في السنة الأخيرة من دراسة الطالب الكارثية (البكالوريا) تجد آلاف الطلاب مع أهاليهم يستنفرون ويقرعون طبول الحرب ولم لا؟ فمستقبل الطالب وحياته وطموحه قد يتوقف عند أجزاء من العلامة توصله لغايته أو تحكم عليه بأن يدرس في ذلك الفرع الذي لم يحبه مطلقاً ولم يحلم به لكن فرض عليه أن يدرس فيه لـن علاماته فقط هي من حددت له خياره ومستقبله وسقف طموحه، وليست قدراته العقلية والفكرية.
طبعاً ولن يكون غريباً على أحد التوتر الكبير الذي تعانيه العائلة أثناء الفحص ومن ثم صدور النتائج ومن ثم المفاضلة… إلى النتيجة النهائية للمفاضلة والتي ترسم الطريق للشاب أو الشابة ليبدأوا حياتهم وفق علاماتهم التي توصلوا إليها. وكم نجد من طلاب توقف طموحهم ورغبتهم بأجزاء من علامة لم يتوصلوا إليها فكان أن ضاع الحلم ووجدوا أنفسهم أمام طريق آخر رغماً عنهم.. لترسم لهم حياة وعمل لم يكن خيارهم يوماً.
هذا فقط للناس العاديين وأولادهم. أما عن أولاد أعضاء الهيئة التدريسية والبحث العلمي والمعاهد العلمية التدريبية فتلك قصة أخرى تماماً..
الطالب هنا يكون ذو علامات متوسطة طوال العام الدراسي وحتى حين تقدمه للفحص النهائي ليس مطلوباً منه التفوق أو تحصيل علامة كاملة؛ يكفي أن ينجح ولو بعلامات متدنية جداً.. المهم تحقيق علامات النجاح. ففي النهاية تنتظره مفاضلة الخلاص والتي ستحقق له مبتغاه دون تعب أو جهد.
فما إن ينجح ولو بمجموع علامات لا يتعدى 150 علامة كمجموع نهائي سواء كانت علامات للاختصاص العلمي أو الأدبي، يكفي فقط أن يتقدم لمفاضلة أبناء الهيئة التدريسية (أبناء أساتذة الجامعة) ليحصل على الفرع الذي يرغب وبدون أي تعب يذكر؛ مجموع 150 علامة فقط يؤهله للحصول على الطب والصيدلة وطب الأسنان.. ومادون هذا المجموع يؤهله لدخول كافة فروع الهندسات العلمية. أما باقي الفروع الأدبية والنظرية كالحقوق والسياحة وغيرها يصل إليها بعلامة النجاح فقط لأن أغلب الطلاب هنا يملؤون شواغر الطب والهندسات لتبقى مفاضلتهم ذاخرة بكل المقاعد الشاغرة لأي فرع يرغبون..
من جهة أخرى نجد أن الطالب العادي الذي حصل على مجموع قدره 230 علامة غير قادر على الحصول على مقعد ضمن كلية الطب أو كلية الصيدلة مع أنه عملياً حصل على مجموع بنسبة 96%.
إذاً؛ ليس غريباً أن يتم شطب التعليم السوري من قائمة التصنيفات حول العالم. وليس غريباً أن نجد أحمقاً برتبة طبيب مسؤولاً عن أرواح البشر فقط لأن “الدولة” السورية أوجدت الأساليب لضم هذه المسطرة العلمية إلى صفها برشوتها عبر تقديم شواغر التعليم لأبنائها مهما كان مستواهم التعليمي. والأغرب أن بقية القطيع السوري بتابع عن كثب.. كيف يأخذ طالب محدود القدرات العقلية مكان إنسان عادي دون أن يتفوه الأخير أو يعترض أو حتى يتساءل لماذا؟
طبعاً لا تتوقف الشواغر عند أبناء الهيئة التدريسية فما خفي أعظم؛ أبناء رؤساء الضباط والفروع الأمنية يحصلون لأولادهم على منح داخلية ضمن الجامعات العامة والخاصة لأولادهم ليدرسوا مجاناً تحت مسمى منحة لمفاضلة خاصة تخولهم أن يدخلوا جامعات خاصة مكلفة وباهظة.. بدون مقابل.
إنه شراء النفوس والولاء مقابل الرشوة من نوع آخر؛ كن أستاذاً جامعياً لدى النظام وستضمن مستقبلك ومستقبل أولادك..
إنها مخالفة قانونية ودولية كبيرة، وليس أدلّ على إدانتها سوى موقع وزارة التعليم العالي عند إعلانه المفاضلة والعدد الكبير من الطلاب وحملة شهادات الطب والصيدلة بعلامات متدنية.
حتى ضمن الجامعات الخاصة الأوربية لا يسمح لطالب بمستوى علامات متدنية أن يتطاول على الكليات العلمية فكيف إذاً بكلية الطب والتي أصبحت باباً مفتوحاً لأبناء متنفذي السلطة والأمن وأساتذة الجامعة.. نعم باتت سوريا مزرعة فقط لأبناء السلطة يخدمها رعاع القطيع بصمتهم وقبولهم.
Sorry Comments are closed