الاستنزاف.. معركة الثوار الناجحة

عهد صليبي14 مايو 2019آخر تحديث :
عهد صليبي

لطالما تعودنا على معارك الاستنزاف العسكري والمعنوي واللوجستي، الرابح فيها عدونا والخاسر نحن الثوار، مما كان سبباً رئيساً فيما نحن فيه من انحسار ببقعة جغرافية صغيرة، تكاد لا تسع من فيها.

وكنا قد تكلمنا مراراً وتكراراً عن وجوب امتصاص الصدمات حتى وإن كانت قوية، والقيام بردة فعل بعدها تكون أقوى بكثير.. فقد بدأت معارك الثوار شمال حماة وجنوب وغرب إدلب، تطبق سياسة امتصاص الصدمة، بل وطبق الثوار اليوم حرباً كانت قد غابت عن ساحة الثوار منذ حصار داريا، ألا وهي حرب الكمائن والانقضاضات، فقد كانت خسارة الثوار بعض القرى شمال حماة درساً وصحوة لهم، حتى راحوا ينفّذون عمليات نوعية في جبهات أخرى باردة، تنتهي بالنجاح.

عرف عن الدب الروسي اتقانه لسياسة حرب الأرض المحروقة وتدمير البنى التحتية قبل أن يتقدم إلى المنطقة التي يريد، فوجد الثوار أنَّ هذا النوع من الحروب لا ينجح في صده إلى سياسة حرب الكمائن والانقضاضات، وكان لهم في المقاومة العراقية ومعاركها ضد الأمريكان عبرة. فقد قلّت كمية خسائر الثوار، وارتفعت خسارة عدوهم، وقد تصبح أرض كفرنبودة أيقونة للعمليات العسكرية الناجحة.

وقد نشر الخبير العسكري الروسي “أليكسندر إيفانوف”، على قناته الرسمية في موقع تلغرام، “يعتمد الهجوم الإرهابي في منطقة الحماميات في ريف حماة على استراتيجيات اتبعت في وقت سابق في العراق ضد الجيش الأمريكي، الأمر الذي يؤكد وجود عناصر أجنبية شاركت في الهجوم، هذه المناورات أعطت المجموعات الإرهابية قدرة على إحراز تقدم ملحوظ على حساب القوات الحكومية، فيما تستمر القوات الفضائية والجوية الروسية بتقديم الدعم اللازم للقوات الحكومية”.

اعترف الروس بنجاح عمليات الثوار الجديدة وأنها منهكة لقوات الأسد والروس على الرغم من تقديم الروس الدعم الجوي والمدفعي الكثيف لكنهم لم يحققوا تقدماً ملحوظاً مقارنة بحجم القصف الجوي والمدفعي والصاروخي على مناطق الثوار، وقد نشرت القناة الروسية “ANNA”، صوراً لكومة فوارغ صواريخ مضادة للدروع أطلقت على الثوار، بالإضافة لإحصائية فرق الدفاع المدني، حول عدد الغارات التي تجاوزت 500 غارة جوية منذ بداية الحملة العسكرية.

لاسيما قصف الثوار المستمر بالراجمات لقاعدة حميميم العسكرية الروسية الأولى في سوريا، مما قد يؤدي إلى شل حركة وعمل القاعدة.

وأرى إذا استمر الثوار بهذا الرتم من المعارك مع فتح جبهات باردة وقضم مناطق جديدة من النظام، وقصف قاعدة حميميم العسكرية الروسية بالرجمات وشل حركة وعمل القاعدة، فقد تضطر روسيا على فتح باب للتحاور مع الثوار، لكن هذه المرة مختلفة عما سبقها، ستطلب التفاوض مع أصحاب القرار على عكس سابقاتها في جولات أستانة وسوتشي.. ولا أظن أن يكون للضامن التركي دوراً فعّالاً في الجولات السياسية والعسكرية القادمة، ذلك لعدم مقدرته أو تجاهله إيقاف القصف على مناطق المدنيين في إدلب، مما أدى لتمرد الكثير من عناصر الفصائل المدعومة تركياً بما فيهم عناصر من الجيش الوطني المتواجدين شمال وشرقي حلب.
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل