حرية برس- ترجمة زينة الحمصي:
ناقش الكاتب الصحفي المختص بشؤون الأمن القومي، “وارن غيتلر”، في مقاله في صحيفة “هأرتس” الإسرائيلية، مسألة الحرب المتوقعة بين الولايات المتحدة وإيران، والأسباب التي ستؤجج نيران هذه الحرب، وردود فعل البلدين على السيناريوهات التصعيدية المتوقعة لإشعال فتيل هذه الحرب، مشيراً إلى أن أضواء التحذير تومض اليوم أكثر من ذي قبل. لكن ماذا ستفعل الولايات المتحدة في حال استهدفت الميليشيات الشيعية التابعة لإيران القوات الأمريكية في العراق؟ وهل سيؤدي الهجوم المباشر على القوات الأمريكية من طرف الوكلاء الإيرانيين في العراق وسوريا إلى جر الولايات المتحدة إلى حرب أمريكية كبرى وشاملة ضد إيران؟
دقّ مستشار الأمن القومي، “جون بولتون”، ناقوس الخطر في الأسبوع الماضي، وأعلن الانتشار السريع لمجموعة حاملات الصواريخ وفريق عمل المهاجمين في المنطقة، وقال: “إنّ الولايات المتحدة لا تسعى إلى خوض حرب مع النظام الإيراني، لكنّنا مستعدون بشكل كامل للرد على أي هجمات، سواء من طرف الوكلاء، أو الحرس الثوري الإيراني، أو القوات الإيرانية النظامية”.
وتوجه وزير الخارجية “مايك بومبيو”، في زيارة غير معلنة، إلى العراق عقب بيان “بولتون”، معلناً أنّه “قد يكون هناك تصعيد، ولذلك نحن نتخذ الإجراءات الملائمة على الصعيد الأمني، لضمان أنّ الرئيس يمتلك مجموعة واسعة من الخيارات في حال حدوث شيء ما بالفعل”.
ويستطرد “غيتلر” في تحليله للوضع قائلاً: “إليكم ما وارء طبول الحرب: تُشدّد الولايات المتحدة بشكل كبير العقوبات على النفط الإيراني، وإذا قُطع شريان الحياة النفطي الإيراني وسط اقتصاد مضطرب بالفعل، يمكن للنظام الإيراني أن يقوم برد هذه الضربة بضرب القوات الامريكية المتوزعة في العراق”؛ مشيراً إلى أن هذه الحرب ستكون كبيرة جداً وأكثر عنفاً وكلفة من حرب الخليج.
تمتلك إيران التي يبلغ عدد سكانها 80 مليون نسمة جيشاً كبيراً، يتضمن 550.000 من الأفراد النشطين، بالإضافة إلى مجموعة من الصواريخ البالستية والقذائف البحرية التي تتسم بالدقة، فضلاً عن البحرية التي تمتلك صواريخاً يصعب كشفها. واليوم تمتلك إيران الهلال الشيعي الذي لطالما حلمت به، ممتداً من طهران عبر بغداد إلى دمشق وينتهي في بيروت. برهنت روسيا في عهد بوتين على أنها مهتمة بإعادة تشكيل جغرافية الاتحاد السوفيتي السابق، وبدورها تغاضت موسكو عن سعي نظام طهران الاستبدادي إلى ممارسة نفوذه “التاريخي” في إيران. ومن المؤكد أن روسيا لعبت في أفضل الأحوال دوراً غير متسق في حث حلفائها في طهران على ضبط النفس، خاصة عندما يتعلق الأمر بمخاوف إسرائيل المتزايدة من تهديد الصواريخ الإيرانية.
ويرى “غيتلر” أنّه ينبغي على الكونغرس الامريكي أن يحول أنظاره إلى الخطر الحقيقي والفوري المتمثل في التصعيد المحدق. ففي الماضي، على الرغم من كون الوكلاء الإيرانيين مسؤولين عن زرع ساحات القتال والقرى العراقية بالعبوات البدائية الصنع التي قتلت مئات الأفراد العسكريين الأمريكيين في حرب العراق، تجنبت الولايات المتحدة إلى حد كبير أي صراع “حركي” مباشر مع إيران أو عملائها في الميدان.
سيتعيّن على ممثلي أمريكا المنتخبين في كلا المجلسين في هذا المنعطف الحرج أن يفكروا باهتمام في قانون القوى الحربية لعام 1973 الذي صيغ بعناية؛ حيث أنّه نادراً ما يُطبَّق تشريع تاريخي، فهو يسعى إلى موازنة القوة المخولة في الكونغرس لإعلان الحرب مع الحاجة إلى أن يتمتع القائد بالمرونة القصوى في تلبية مقتضيات الأمن القومي للولايات المتحدة في مواجهة أي نزاع عسكري حقيقي أو وشيك، أو الصراعات التي يمكن أن يكون لها تأثير طويل وكبير على الأمة ككل.
ينص قانون صلاحيات الحرب، الذي أصبح قانوناً على الرغم من الفيتو الذي قام به الرئيس آنذاك “ريتشارد نيكسون”، على أنه لا يمكن للرئيس الأمريكي إرسال قوات أمريكية إلى خارج البلاد إلا من خلال إعلان الحرب من جانب الكونغرس أو “تفويض قانوني” أو في إعلان “حالة طوارئ وطنية” سببها الهجوم على الولايات المتحدة أو أراضيها أو ممتلكاتها أو قواتها المسلحة. ”
ومن الناحية النظرية، فإنّ تصنيف إدارة ترامب فيلق الحرس الثوري الإسلامي الإيراني منظمة إرهابية يعطي للبيت الأبيض نظرياً غطاءً قانونياً لمهاجمة وحدات الحرس الثوري الإيراني في العراق وسوريا من دون موافقة الكونغرس، أو إعلان حرب في حالة أنشطة معادية حقيقية أو مفترضة تهدد القوات الأمريكية أو قوات التحالف في المنطقة.
ويذهب “غيتلر” إلى شرح المعادلة القائمة حالياً بالقول: “لن يكون من المفاجئ أن نبدأ في رؤية تقارير إعلامية عن تعزيز القوات البرية الأمريكية في العراق، بعد التعليقات الأخيرة للرئيس ترامب حول رغبته في إبقاء أعين أمريكا على إيران في العراق؛ حيث أنّ إيران التي تعاني من ضغوط شديدة من العقوبات الاقتصادية والنفطية التي تفرضها الولايات المتحدة، تريد من الولايات المتحدة أن تمضي في طريقها في العراق وسوريا، وسوف تستخدم ميليشيات بالوكالة يمكن إنكارها بشكل معقول لتحريك الحكاية لمصلحتها وردع مزيد من محاولات الحصار بالعقوبات. ومن جهة أخرى، تعطي روسيا ضوءاً أصفراً لطهران، أو ربما ضوءاً أخضراً من تحت الطاولة، عندما يتعلق الأمر بضغط إيران على جدول أعمالها في ساحة المعركة الإقليمية، وصولاً إلى مواقع إيران المضمنة على طول حدود الجولان مع إسرائيل.
يصبح السؤال إذن: هل سيجري اختبار أمريكا عن طريق تحركات انتهازية من طرف الوكلاء الإيرانيين في العراق وسوريا في المستقبل القريب؟
هناك احتمال جيد أن يتحقق ذلك. على الأقل، أصبحت البيئة الأمنية الحالية في المنطقة كما يلاحظ المحللون في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن “هشة وخطيرة على نحو متزايد”، ويتعين على الولايات المتحدة، التي عادة ما تكون بطيئة في الغضب، أن تستعد لحدوث استهداف للقوات الأمريكية في العراق وسوريا على أيدي الميليشيات الشيعية التي تسيطر عليها طهران. إذا كان هذا ما سيحدث، فإن المخاطر ستكون عالية جداً. إنّ تحركاً أكثر دراماتيكية من جانب طهران، مثل إغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي أمام حركة النفط، يمكن أن يتحول أيضاً ثم تتوقف كل الرهانات.
لكن مع وجود رئيس تحت الحصار في الداخل، (على عكس نيكسون في أثناء ووترغيت وفيتنام)، هل سيكون لدى الكونغرس حكمة هادئة وتركيز للتعامل مع التصعيد المحدق؟ هل ستمارس على النحو الواجب صلاحيات الضوابط والتوازنات المنصوص عليها في الدستور؟
يكشف التصويت الذي أُجريت مؤخراً على الجدار الحدودي الفاصل ومسألة اليمن أن عدداً من الجمهوريين في مجلس الشيوخ مستعدون للتصويت بصوت مرتفع بـ”لا”. عندما يتعلق الأمر بمواجهة كبيرة مع إيران وعملائها، فإن المخاطر ستكون أعلى بكثير.
وبالنسبة إلى الدولة الأميركية، يتجمع الأميركيون معاً في لحظات حيوية عندما تكون الأرواح والكنوز الأمريكية في خطر. يجب ألا يشك أي خصم أجنبي في العزم الأمريكي في الرد على التهديدات في الخارج، حتى في أوقات الشكوك الداخلية.
الحرب المسرحية الترامبية الاستنزاف أموال الخليج لا اكثر ولن تحدث حرب حقيقية بين إيران وأمريكا انما سيناريوهات إعلامية وتراشقات بالتصريحات وكلو على عينك ياتاجر