زينة الحمصي – حرية برس:
عنون الكاتب الصحفي “كونور فريدر سدروف” مقاله في مجلة اتلانتيك الأمريكية “بفضل ترامب .. الحرب تلوح في الأفق”، مشيراً إلى الدور الذي يلعبه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد إيران. حيث ما زال “ترامب” يشن حرباً في اليمن بعد اعتراضه على دعوة الكونغرس له بإنهاء مشاركة الجيش الأمريكي في الحرب الأهلية في اليمن. كما احتفظ “ترامب” بالقوات الأمريكية في أفغانستان والعراق وسوريا. ويؤكد مسؤولون رفيعو المستوى في إدارته استعدادهم لشن حروب جديدة دون الحصول على موافقة الكونغرس، مما يظهر تجاهلاً للدستور والمشاعر لدى المواطنين المناهضة لخوض حرب.
وأشار “سدروف” الذي يُركز في مواده على السياسة والشؤون الوطنية، إلى تصريحات وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” ل شبكة ‘ABC News” بأنّ إدارة “ترامب” تخطط لإمكانية القيام بعمل عسكري ضد فنزويلا، وتُلمّح إلى أنّ سلطة الرئيس كافية لشن حرب بشكل قانوني من جانب واحد، دون طلب إذن مسبق من الكونغرس.
وفي سياق متصل، أدلى “بومبيو” بتصريحات مماثلة ضد إيران أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ في الشهر الماضي، ورفض الإقرار بأنّ خوض حرب ضد إيران لا يشمله تفويض استخدام القوة العسكرية الذي أقرّه الكونغرس عام 2001 رداً على هجمات 11 سبتمبر الإرهابية.
كما أشار مستشار الأمن القومي “جون بولتون” إلى دعمه للعمل الأمريكي العسكري في كلا البلدين. وعندما شنّ “ترامب” هجوماً صاروخياً على سوريا عام 2018، حرّض “بولتون” إلى القيام برد أكثر شمولاً، بما في ذلك الوجود العسكري الأمريكي الدائم في البلاد، وهو الوجود الذي وصفه لاحقاً على أنّه معارض لإيران وليس للدولة الإسلامية، أو نظام بشار الأسد.
وبحسب ما جاء في صحيفة “نيويورك تايمز” فقد كان هذا السياق مسيطراً على الأجواء في يوم الاثنين عندما قال مسؤولون أمريكيون رفيعو المستوى: “إنّ التهديدات الإيرانية الجديدة ضد القوات الأمريكية في العراق كانت وراء النشر المفاجئ لمجموعة قاذفات وحاملات الطائرات في الخليج الفارسي. وإنّ إبقاء تلك القوات في العراق يهدد بحرب واسعة”.
ويرى “سدروف” أنّ تنصيب “مايك بومبيو” كوزير خارجية هيّأ المزيد من الأسباب للخوف من حروب إضافية، حيث امتنع السيناتور “جيف ميركلي” من التصويت ل “بومبيو” لأنه اعتبر ذلك تصويتاً لحكومة حرب “ترامب”.
واختتم “سدروف” مقاله بالقول: “إنّها لحظة محفوفة بالمخاطر بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، ففي الوقت الذي لم يُلحق شيء الأذى بأمريكا منذ الحرب العالمية الثانية سوى الحروب الخاطئة، فإنّ الحركة الشعبية المناهضة للحروب التي ملأت الشوارع قبل غزو العراق قد اختفت تماماً”.
وفي سياق متصل، جاء في مقال كتبه نائب مساعد وزيرة الخارجية الأسبق لشؤون آسيا والمحيط الهادئ “مايكل اتش فوش” في صحيفة “الغارديان” أنّ “ترامب” يبذل ما بوسعه لإثارة حرب مع إيران وجعله يبدو كأنّه خطأ إيران. حيث أشعل “ترامب” فتيل أزمة محتملة منذ عام، عندما انسحبت الولايات المتحدة من الصفقة التي نجحت في منع إيران من الحصول على أسلحة نووية، على الرغم من أنّ الوكالة الدولية للطاقة الذرية وحتى إدارة “ترامب” أكّدت آنذاك أنّ إيران تلتزم بالاتفاقية. ومنذ ذلك الحين أصبح “ترامب” يصبُّ الزيت على النار ويحاول تسريع الأمور، حيث فرض عقوبات على البنوك وشركات الشحن الإيرانية، في محاولة للضغط الاقتصاد الإيراني. وفي الآونة الأخيرة، أعلنت إدارة “ترامب” أنها لم تعد تمنح تنازلات عن العقوبات لأقرب شركاء أمريكا، بما في ذلك كوريا الجنوبية واليابان. ومع ذلك فإنّ أولئك الذين ساعدوا في بناء الصفقة الإيرانية حاولوا إنقاذها. حيث عملت كل من أوروبا والصين وروسيا مع إيران للحفاظ على الصفقة، واستمرت إيران لمدة عام في الامتثال على الرغم من الانسحاب الأمريكي والضغط. وبدا الأمر لفترة كما لو أن الدول الأخرى ستحافظ على الصفقة وتنتظر إدارة “ترامب”.
وقد عزّزت الولايات المتحدة بشكل كبير ما كان بالفعل خطاباً حاداً عن إيران، من خلال إرسال مجموعة مهاجمين للقوات الجوية وقوة العمل الانتحارية إلى المنطقة، وقال “جون بولتون” مستشار الأمن القومي: “إنّ الولايات المتحدة لا تسعى إلى الحرب مع النظام الإيراني، لكنّنا مستعدون تماماً للرد على أي هجوم”.
ويرى “فوش” وهو زميل أقدم في مركز التقدم الأمريكي، أنّه ليست هناك حاجة لأن يعمل “ترامب” على تضليل السلوك الإيراني السيء لأنّه واضح تماماً، فقد كان واضحاً منذ فترة طويلة أن إيران طرف خبيث، تجلّى ذلك من خلال دعم إيران للإرهاب، ونظام بشار الأسد في سوريا، وحزب الله، وقمعها للشعب الإيراني. إلا أنّ “ترامب” يساعد إيران فعلاً في الدفاع عن موقفها لاستئناف سعيها لتطوير الأسلحة النووية. ففي أعقاب أعمال ترامب المتهورة، تتهم إيران الولايات المتحدة بأنها المخالفة، مدعيةً أنّ “ضبط النفس الإيراني لم يُجب عليه، وأنّ الجمهورية الإسلامية لم يتبق أمامها سوى التقليل من التزاماتها”. حيث ترغب إيران الآن في أن تختار الدول بين إيران والولايات المتحدة ، قائلةّ أنّه إذا لم تساعد الدول الموقعة الأخرى على الصفقة في تجنب العقوبات الأمريكية، فإنّ إيران ستزيد قدراتها النووية بما يتجاوز الحدود التي تفرضها الاتفاقية.
ويستطرد “فوش” في وصف الوضع الحالي قائلاً: “سواء أكانت الدول مع الولايات المتحدة أو إيران، فمن الواضح أن إدارة ترامب تعزل نفسها. ويشعر الأوروبيون بالإحباط من مقاربة الإدارة، ويقومون بإنشاء نظام للتحايل على العقوبات الأمريكية. حيث خفضت كل من اليابان وكوريا الجنوبية والصين والهند وغيرها من وارداتها النفطية من إيران بناء على طلب الولايات المتحدة من أجل جعل الصفقة النووية ممكنة، وبالمقابل فقد سئمت الولايات المتحدة من سحب البساط من تحتها. وإنّ أكثر ما يثير القلق هو احتمال نشوب حرب، حيث يتصرف “بولتون” و”بومبيو” في بعض الأحيان كما لو أنهما متلهفان لخوض معركة، كما أثارت الإجراءات الأمريكية خلال العام الماضي بشكل كبير فرص سوء التقدير الذي يؤدي إلى الصراع. على الرغم من أن الأمر قد لا يبدو وكأن ترامب يريد الحرب، إلا أنّه غير كفؤ وأيديولوجي بالنسبة لإيران، وليس من الصعب رؤيته يتعثر في صراع. وعلى الرغم من استياء الأميركيين من اعتماد الولايات المتحدة على الجيش في حل المشاكل، فإن حقيقة أن 71% من الأمريكيين ينظرون إلى إيران كعدو يمكن أن يؤدي إلى خلق الصراع.”
وأضاف “فوش” أنّ التشجيع الذي يتلقاه “ترامب” ضد إيران من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل لا يساعد. يمكن للمرء أن يرى بسهولة تجدّد التهديدات الإسرائيلية بشن ضربات عسكرية ضد إيران “هذه المرة فقط” على حد تعبير “كولين كال” المسؤول السابق في وزارة دفاع أوباما: “من المرجح أن تشجع الإدارة الأمريكية الضربات الإسرائيلية بدلاً من السعي إلى تقييدها”.
واختتم “فوش مقاله بالقول: “لقد مكّنت تصرفات “ترامب” الآن المتشددين في إيران، مما يجعل النتيجة الدبلوماسية أقل احتمالاً، سمحت العقوبات الجديدة للنظام الإيراني بإلقاء اللوم على الولايات المتحدة بمصداقية أكبر في المشاكل الاقتصادية الحالية. كل هذا يجعل إيران أكثر عرضة للعدوان وليس الاستسلام. من السهل رؤية أكاذيب إدارة “ترامب”، حيث يدّعي الأخير أنّه يريد منع إيران من الحصول على سلاح نووي، لكنه انسحب من الصفقة ذاتها التي منعت إيران من الحصول على سلاح. ويزعم مسؤولو “ترامب” أنهم يدعمون تطلعات الشعب الإيراني، لكنّ العقوبات أضرّت بالشعب الإيراني أولاً وقبل كل شيء، وما زال ترامب يحظر على الإيرانيين العاديين زيارة الولايات المتحدة. إنّ إدارة ترامب تدفع إيران إلى الصراع، ولا ينبغي لأحد أن يتوقع أن تتراجع إيران. اليوم أصبحت أميركا أقل أماناً بسبب تصرفات “ترامب” بشأن إيران، وازدياد فرص الحرب.”
Sorry Comments are closed