منذ شهر أيلول/سبتمبر عام 2015 وحتى الآن ما تزال عربدة آلة القتل الروسية تثخن بدماء السوريين وممتلكاتهم في المناطق المحررة التي باتت اليوم بفعل الإجرام الروسي والإيراني وكأنها الجحيم بعينه، وحيث أن القوات الروسية ارتكبت منذ بداية عدوانها على سوريا آلاف جرائم القتل والمجازر؛ منها مجزرة آل العساف في 15/10/2015 في منطقة الغنطو شمالي حمص، التي راح ضحيتها 44 شخصاً من عائلة واحدة وتلتها مجزرة معرشورين ومجزرة سوق الأتارب ومجازر درعا والغوطة، وفي تاريخ 27/4/2019 تصاعد هذا الإجرام في الشمال السوري المحرر، وبطريقة غير مسبوقة دُمِّرَت المراكز الصحية والمناطق المأهولة فوق رؤوس ساكنيها، ولوحقت قوافل النازحين، وما زالوا يقصفون بالطائرات حتى هذه اللحظة.
لذلك، فإنَّ العسكريين الروس الموجودين في الأراضي السورية بما يقومون من مجازر، فإنَّهم مدانون بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي المنصوص عليه في المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن منع ومعاقبة الإبادة الجماعية التي أقرّت في كانون الأول عام 1948 ودخلت حيز التنفيذ في 12/12/1951 حيث ترى هذه الاتفاقية أن الابادة الجماعية هي جريمة بمقتضى القانون الدولي وتتعارض مع روح الأمم المتحدة وأهدافها، وقد نصت المادة الثالثة من الاتفاقية نفسها على المعاقبة “على التآمر والتحريض ومحاولة الاشتراك في الإبادة الجماعية”.
إن تدخل القوات الروسية في سوريا وارتكابها هذه الجرائم وعدم التفاتها إلى القرارات الدولية وخاصة القرار 2254، وعدم إكتراثها بما التزمت به في الاتفاقيات اللاحقة، يُشكل خرقاً واضحاً للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة الذي نص في الفقرة الثانية من المادة الرابعة على إلزام الدول الأعضاء جميعها في مجلس الأمن على الامتناع في علاقاتهم الدولية عن التهديد واستعمال القوة واستخدامها ضد سلامة الأراضي والاستقلال السياسي لأي دولة.
إضافة إلى ذلك، فإن الأعمال العسكرية الروسية في سوريا ترقى إلى مستوى أفعال الإرهاب الدولي الذي يُعرّف في الفقه الدولي أنه الفعل الذي يرتكب إخلالاً بقواعد القانون الدولي، سيما أنه لا يوجد أي قرار في مجلس الأمن الدولي يجيز لروسيا استخدام القوة العسكرية.
إن قيام روسيا بالجرائم الفظيعة التي ترتكبها الآن في مناطق ريفي حماة الشمالي والغربي ومحافظة إدلب ضد السكان المدنيين والمشافي والبنى التحتية ومراكز الدفاع المدني فيه انتهاك واضح للاتفاقيات الدولية والتزاماتها العديدة بمبادئ القانون الدولي الإنساني؛ حيث نص المبدأ الأول في الفقرة (أ) على أن “المدنيين لا يمكن أن يكونوا عرضة للهجوم”.
كما أن الاجرام الروسي في سوريا يشكل انتهاكاً واضحاً لاتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة في 12 آب 1949، التي تتعلق بحماية المدنيين في وقت الحرب، وحيث أن الإجرام الروسي وعبر آلة القتل ما يزال إلى هذه اللحظة ينفذ أبشع أنواع الجرائم في مناطق الشمال السوري أغلبها، الأمر الذي أدى إلى نزوح وتهجير مئات آلاف الأشخاص والأسر والأطفال والنساء، وهذا بحد ذاته جريمة ضد الإنسانية، ولكن يبدو أن العدالة الدولية ومبادئ حقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بسوريا فإن الضمير الإنساني غاب في الألحاد.
Sorry Comments are closed