تختلط الأفكار وتتبعثر المفاهيم بمجرد التفكير فيما حصل في الثورة السورية، بدءاً من محاربتها وكثرة المتسلقين عليها، وانتهاءً بمن باعوا دماء شهدائها، ومما لا شك فيه أن يكون بين الثوار أناس من الواجب عليهم الدفاع عن الثورة، نظراً إلى ما تعرضوا له من إذلال، إلا أنهم وجدوا أنفسهم يحاربونها بالكلمة ويعيبون على ثوارها مايقومون به.
ولا يمكن إنكار وجود متسلقين في الثورة، لكن هذا لا ينفي وجود من يهمه حرية الشعب وتحرره من القيود المفروضة عليه من النظام، فهل هذا يبرر أن تقف ثلة كييرة على الحياد؛ هذا إن لم يكونوا قد وقفوا مع النظام ضد الثورة بحجة وجود لصوص في الثورة، وهذا من الأخطاء الكبيرة المقصودة منها وغير المقصودة التي ارتكبها هذا القسم، الذي أعاب على الثوار ثورتهم، لا بل حمّلوا الثوار وبال ما يحدث في سوريا، ووافقوا النظام على مقولته إن الثورة دمّرت البلد، وكان أولى عليهم أن يتفكروا بعقلهم الذي منحهم الله إياه، لأنه في أي ثورة في العالم يظهر اللصوص ويكثر المتسلقون وينكشف المتشدقون، وظهور اللصوص في الثورة لا يعني أن نتوقف عن إصرارنا على أهدافها وثوابتها، كما لا يلغي كوننا ثوار حقيقيون يدافعون عن قضية هي أسمى من مأكل ومشرب ولباس ومال، فالحرية لايمكن تحقيقها بالأماني، كما أن الثورة ليست حكراً على فئة من دون غيرها.
وهؤلاء من وقفوا على الحياد ،متفرجين ومهللين لانتصارات مزعومة للنظام، انتصارات كانت على أشلاء إخوتهم، لا يقلون إجراماً عمن يمارس القتل، فهم أعلم بإجرام النظام لكنهم هللوا له وصفقوا ورقصوا على دماء الشهداء، فمن يعيب على الثوار ثورتهم فلينظر إلى نفسه أولاً وإلى ما قدّمه في سبيل هذه الحرية المنشودة التي ما يزال وراءها رجال يقارعون الحديد، حتى يتحرر هو ومن عاب عليه عمله.
Sorry Comments are closed