مؤشرات متزايدة على قرب فك “النصرة” ارتباطها بـ”القاعدة”

فريق التحرير24 يوليو 2016آخر تحديث :

جبهة النصرة
ألمح باحثون ومنظرون مقربون من الفصائل المقاتلة وعلى اطلاع على خفايا الساحة السورية، إلى قرب إعلان جبهة النصرة فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، عقب مطالب ودعوات كثيرة أطلقتها جهات شعبية وسياسية سورية، ودول إقليمية، فيما تعززت الحاجة إليها بعد قرب التوافق الأمريكي الروسي على التركيز على ضرب “جبهة النصرة”، عقب تبادل المعلومات استخباراتياً، مقابل كف يد النظام عن بقية فصائل الثورة.

وجاءت تلك التلميحات على شكل تغريدات نشرتها شخصيات مقربة من قيادات الفصائل الإسلامية، التي تقاتل في الساحة السورية، فيما أورد نشطاء مقربون من جبهة النصرة، على مجموعات تطبيق “تليغرام” خاصة بنشر أخبارها، أنباءً عن عزمها نشر كلمة لزعيمها أبو محمد الجولاني، يوم الاثنين، يعلن فيها فك ارتباطه بالتنظيم الأم.

وتوافقت تغريدات عدد من أهم المنظرين والباحثين في الشأن السوري، ومنتسبين سابقين لجبهة النصرة، في توقيتها الذي جاء يوم أمس السبت، ومحتواها الذي “بشّر” بفك جبهة النصرة ارتباطها بتنظيم القاعدة، لتتكامل مع تغريدات كان بثها أبو محمد المقدسي، منظر السلفية الجهادية الأردني الشهير، يوم الاثنين (7/18)، التي أعلن فيها ما رفضه سابقاً، بأن فك ارتباط جبهة النصرة بالقاعدة “ليس ردّة”.

واعتبر المقدسي في تغريداته التي حذفها لاحقاً، أن “لا مشكلة شرعية في ذلك”، مشيراً إلى ما أورده في أحد كتبه من “ضرورة عدم التمسك بمسميات قد تستعمل لتأليب الأعداء على المجاهدين، أو إجهاض جهادهم، واستغلالها للحشد ضدهم”.

لافتاً إلى أن “أسماء كالقاعدة هي أسماء غير منزّلة من السماء، وهي تتبع التكتيك الأنسب للمجاهدين”، على حد قوله.

وأضاف المقدسي: “كذلك مسمى (جبهة النصرة) أو غيره إن صار عائقاً أو سبباً لاستهداف أهله؛ فتغييره أو التنازل عنه ليس تنازلاً عن القرآن، وفك الارتباط ليس ردة عند الحاجة”.

وشدد في تغريدة نشرها الجمعة (7/22)، أنه “يحق لجبهة النصرة أن تطالب من طالبها بفك ارتباطها بقيادتها، أن يفك المطالب ارتباطه بالداعم، فذلك أولى”، في إشارة إلى كتائب الجيش الحر التي تتلقى تمويلاً عربياً وغربياً.

ويحق لجبهة النصرة أن تطالب من طالبها بفك ارتباطها بقيادتها
أن يفك المطالب ارتباطه بالداعم فذلك أولى
وقد قمت بحذف تغريداتي المتعلقةبالموضوع 4

وتأتي هذه الأنباء، في ظل مباحثات أمريكية روسية مكثفة، احتّلت محاربة جبهة النصرة فيها حيّزاً كبيراً وشرطاً روسياً لإبرام اتفاقية بين الطرفين.

– تلميحات قوية

بدوره، غرّد المعارض السوري رامي دالاتي، أحد الشخصيات المقربة من الفصائل السورية، قائلاً: “أحمده سبحانه أنه ما زالت بقية من قيادة النصرة تعي وتدرك ضرورة فك الارتباط وإعادة قراءة المشهد الداخلي قراءة أقل تخويناً، وتؤمن بأخوة السلاح”.

وأضاف: “تلك القلة من قيادة النصرة تؤمن بأخوة السلاح، وترضى من العامة عموم اﻹيمان، ولا تشترط النخبوية العقائدية ولا تقبل أن تكون عبئاً فوق عبء اﻷسد”.

أحمده سبحانه أنه لازالت بقية من قيادة النصرة تعي وتدرك ضرورة فك الارتباط واعادة قراءة المشهد الداخلي قراءة أقل تخوينا وتؤمن باخوة السلاح.

تلك القلة من قيادة النصرة تؤمن بأخوة السلاح، وترضى من العامة عموم اﻹيمان ولاتشترط النخبوية العقائدية ولاتقبل أن تكون عبئا فوق عبء اﻷسد.

أما مجاهد مأمون ديرانية، المنظر السوري المعروف، فقد رأى أن “فك ارتباط النصرة بالقاعدة جيد، لكنه ليس حلاً كاملاً، نطالبها بفك ارتباطها بالمشروع القاعدي، والمنهج القاعدي، والانصهار في المشروع الوطني للثورة”.

وقال: “فك الارتباط التنظيمي بالقاعدة يحمي الثورة من أعداء الخارج، أما فك الارتباط بالمشروع والمنهج القاعدي فإنه يحمي الثورة من الاختطاف، وهو خطر أكبر”.

فك ارتباط النصرة بالقاعدة جيد، لكنه ليس حلاً كاملا

نطالبها بفك ارتباطها بالمشروع القاعدي والمنهج القاعدي والانصهار في المشروع الوطني للثورة

فك الارتباط التنظيمي بالقاعدة يحمي الثورة من أعداء الخارج
أما فك الارتباط بالمشروع والمنهج القاعدي فإنه يحمي الثورة من الاختطاف،وهو خطر أكبر

بدورها، حملت سلسلة تغريدات نشرتها سراج الدين زريقات، وهو أحد علماء السنة اللبنانيين، والذي يتابع القضية السورية من كثب، إشارات واضحة على فك ارتباط جبهة النصرة بالقاعدة.

وقال زريقات في تغريدات: “اللهم وفق إخواننا في قيادة جبهة النصرة لما فيه مصلحة أهل الشام، فما نحن وهم إلا في مركب واحد”، مضيفاً: “على قيادات المجاهدين في هذه المرحلة الحساسة والخطيرة من تاريخ الثورة السورية أن يجعلوا مصلحة الجهاد الشامي والمشروع الإسلامي فوق أي اعتبار”.

واعتبر أنه “في خضم هذه المعركة الشرسة عسكرياً وسياسياً نحن بحاجة إلى قوة في العمل العسكري وحنكة سياسية كبيرة تواجه مؤامرة روسيا وأمريكا على أهل سوريا”، وهي أول إشارة صريحة إلى أن خطة النصرة قد تكون لتلافي الحرب القادمة ضد الجبهة.

وأضاف: “رغم قناعتي أن فك ارتباط إخواننا في جبهة النصرة بإخواننا في قاعدة الجهاد آثاره محمودة على جهادنا في الشام، إلا أننا لن نسلم إخواننا بأي حال”.

وطالبهم بتقديم “الاتفاق على رؤية عسكرية وسياسية مشتركة بين الفصائل على مشاريع الاندماج والتوحد”، معتبراً أن لهذا أثره الفوري في الساحة السورية.

وخاطب زريقات عناصر جبهة النصرة بالقول: “إنني أوصي إخواني من المجاهدين في جبهة النصرة فأقول: إياكم وشق صف جماعتكم، وثقوا بقرار قياداتكم وخاصة طلبة العلم، فانهيار الجبهة فساد كبير”.

ورأى أن “العبرة اليوم ليست بالأسماء أو الأعلام، بل المطلب تقديم مشروع جامع للأمة في وجه عدوها، لا يفرق بين مدارسها ومناهجها، ويرحم الأمة ويراعي ضعفها”.

اللهم وفق إخواننا في قيادة لما فيه مصلحة أهل الشام فما نحن وهم إلا في مركب واحد.

على قيادات المجاهدين في هذه المرحلة الحساسة والخطيرة من تاريخ أن يجعلوا مصلحة الجهاد الشامي والمشروع الإسلامي فوق أي اعتبار.

في خضم هذه المعركة الشرسة عسكريا وسياسيا نحن بحاجة إلى قوة في العمل العسكري وحنكة سياسية كبيرة تواجه مؤامرة روسيا وأمريكا على أهل .

على كل جماعة مقاتلة في الشام اليوم أن تعلم أن تنازلها عن بعض من أدبياتها مهم لصالح الاجتماع وتقريب وجهات النظر، فالعدوان على الجميع.

ورغم قناعتي أن فك ارتباط إخواننا في بإخواننا في آثاره محمودة على جهادنا في الشام إلا أننا لن نسلم إخواننا بأي حال

وإنني أوصي إخواني من المجاهدين في فأقول: إياكم وشق صف جماعتكم، وثقوا بقرار قياداتكم وخاصة طلبة العلم، فانهيار الجبهة فساد كبير.

ليست العبرة اليوم بالأسماء أو الأعلام، بل المطلب تقديم مشروع جامع للأمة في وجه عدوها، لا يفرق بين مدارسها ومناهجها، ويرحم الأمة ويراعي ضعفها

من جانبه، غرد أبو ماريا القحطاني، المغرد الشهير، والشرعي السابق في جبهة النصرة، في سلسلة تغريدات له، حاثاً على وحدة الصفّ، وجمع الكلمة، وترك التحزب، معتبراً أن “المنهج”- في إشارة إلى تنظيم القاعدة وتفريعاته- هي سبب بلاء الأمة وتمزق الصف الجهادي، وقال: “نحن بين نار من يريد أن نتبع منهجه الذي لم يقم ديناً ولا دنيا، فلم يحل بساحة جهاد إلا وأفسدها باسم المنهج، وبين من علّق أمله بالطغاة”.

وأضاف: “الحقيقة مرة، فمن دمر جهاد العراق نفسه من يدمر جهاد الشام فيما يسمى المنهج، فالغلاة نفسهم، وكذلك من طبل للطغاة نفسهم”.

وكان يكفي من الباحث في الشأن السوري والجماعات الإسلامية، أحمد أبا زيد، المقيم في حلب، أن يغرد قائلاً: “عند القرارات المصيرية الصعبة، أن تأتي متأخراً هو مثل ألّا تأتي أبداً”، ليُعرف على نطاق واسع أن الجبهة حسمت أمرها بهذا الشأن، إلا أن مغردين آخرين على صلة بالساحة السورية والفصائل المقاتلة، كانت تغريداتهم موحية بما لا يقبل الشك تقريباً.

عند القرارات المصيرية الصعبة، أن تأتي متأخراً هو مثل ألّا تأتي أبداً.

وجاءت تغريدة أبا زيد في سياق حديثه عن جبهة النصرة، إذ قال في تغريدات سابقة: “حتمي أن لا مستقبل للقاعدة في سوريا ولا أي بلد، لأنها مواجهة غير متكافئة مع العالم والشعوب، لكن حتى فصائل الثورة قد لا يكون لها مستقبل بتفرقها”.

وقال: “ليس خطة أو إنجازاً أن تقفز عن معركتك الواقعية لتدخل معارك دونكيشوتية وانتحارية وتخسر قضيتك، لكن أن تدعو الآخرين للانتحار معك ولا يتركوك؛ (فهذا) جنون”.

حتمي أن لا مستقبل للقاعدة في سوريا ولا أي بلد لأنها مواجهة غير متكافئة مع العالم والشعوب، لكن حتى فصائل الثورة قد لا يكون لها مستقبل بتفرقها

ليس خطة أو إنجازاً أن تقفز عن معركتك الواقعية لتدخل معارك دونكيشوتية وانتحارية وتخسر قضيتك، لكن أن تدعو الآخرين للانتحار معك ولا يتركوك جنون

ولطالما كان فك ارتباط جبهة النصرة، بتنظيم القاعدة، مطلباً شعبياً في سوريا منذ أكثر من عامين، قبل أن يصبح مطلباً سياسياً وعسكرياً نادى به الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في غير موقف، كما صدحت به الفصائل السورية المختلفة، وحناجر المتظاهرين الذين تظاهروا مراراً للمطالبة بفك الارتباط.

ويحمل طيف واسع من ثوار سوريا على جبهة النصرة، تأخرها في إعلانها فك ارتباطها بالتنظيم المصنف عالمياً كـ”منظمة إرهابية”، وهو ما أسفر عن نقل التنصيف إليها، وجرّ التحالف الدولي لقتالها مع تنظيم الدولة.

وكان أبو عمار الشامي، متحدث باسم المكتب الإعلامي لجبهة النصرة، قد قال في تغريدات له: إن “على الفصائل المجاهدة إدراك أن في القضاء على جبهة النصرة اليوم، والسماح للاتفاق الروسي الأمريكي بالمرور دون موقف منكم، لهو الخذلان لإخوانكم وإضعاف لقوتكم، ولن ترضى أمريكا بعدها منكم سوى الإذعان لحل سياسي يرجح في كفة الأسد وحلفائه”.

وعلى الفصائل المجاهدة إدراك أن في القضاء على اليوم والسماح للاتفاق الروسي الامريكي بالمرور دون موقف منكم لله ثم للتاريخ…
7

لهو الخذلان لإخوانكم وإضعاف لقوتكم، ولن ترضى أمريكا بعدها منكم سوى الإذعان لحل سياسي يرجح في كفة الأسد وحلفائه.
8

– توافق روسي-أمريكي

وتستأنف الأسبوع المقبل في دولة لاوس، مباحثات أمريكية روسية مكثفة؛ لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية بشأن سوريا، جاء في مسودتها تعزيز الهدنة، ووقف قصف المعارضة، والتركيز على “جبهة النصرة”، تمهيداً لاستئناف المفاوضات من أجل عملية سياسية.

ويستكمل المسؤولون الأمريكيون والروس، من خلال خبراء عسكريين وسياسيين، البحث في مسودة الاتفاق التي سلمها كيري خلال زيارته إلى موسكو قبل أسبوعين، وتتضمن “إجراءات ملموسة”، وتبادل معلومات وخرائط وإحداثيات، والتعاون بين جيشي البلدين، وأجهزة الاستخبارات لمحاربة “جبهة النصرة” المصنفة على قوائم الإرهاب لديهما، مقابل قيام موسكو بالضغط على دمشق لوقف قصف “المعارضة المعتدلة”، وعدم تحليق الطيران السوري في مناطق عمل الطيران الروسي والأمريكي، إضافة إلى إطلاق عملية “انتقال سياسي” بموجب القرار 2254.

ويحمل التوافق الأمريكي الروسي فيما لو تمّ، أخطاراً بسحق جبهة النصرة؛ لكونها ستكون الهدف الوحيد للضربات الجوية المكثفة في سوريا، بعد تحييد طيران نظام الأسد عن قصف المعارضة السورية والفصائل “المعتدلة”.

وفي 24 يناير/كانون الثاني 2012 أصدر أبو محمد الجولاني بياناً أعلن فيه تشكيل “جبهة النصرة لأهل الشام” ممّن سماهم “مجاهدي الشام”، واتخذ من موطنه “الشحيل” منطلقاً لعمل هذه الجبهة، كما دعا في بيانه السوريين إلى الجهاد وحمل السلاح لإسقاط النظام.

وفي 9 أبريل/نيسان 2013 أعلن أبو بكر البغدادي، إلغاء اسمَيْ “دولة العراق الإسلامية” و”جبهة النصرة”، ودمج التنظيمين باعتبارهما يمثلان القاعدة الأم، في كيان جديد يسمى “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، وهو ما رفضه الجولاني في اليوم التالي، وأعلن بيعته حصراً للقيادة المركزية لتنظيم القاعدة بقيادة الظواهري، قائلاً: “هذه بيعة منا أبناء جبهة النصرة ومسؤولهم العام، نجددها لشيخ الجهاد الشيخ أيمن الظواهري حفظه الله، نبايعه على السمع والطاعة”.

وتعد جبهة النصرة إحدى أشرس مقاتلي نظام الأسد، وتنظيم الدولة كذلك، إلا أنه يؤخذ عليها قتالها لفصائل سورية معارضة أيضاً، وسحقها وإفناؤها لفصائل عدة، بدعوى أنها مدعومة أمريكياً؛ كـ”حركة حزم”، و”ثوار سوريا”.

* المصدر: الخليج أونلاين

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل