روسيا وإيران وسباق السيطرة

محمود أبو المجد26 أبريل 2019آخر تحديث :
روسيا وإيران وسباق السيطرة

كان لروسيا وإيران فضل كبير في الحفاظ على نظام بشار الأسد حتى يومنا هذا، لكن بشار وكل مواليه عبروا عن غباء وصل إلى حد لا معقول حينما ظنوا أن كل من شارك في معركته شارك للدفاع عن حكمه واستمراره في السلطة، فالسياسات لا دين لها وكل ما يهم هذه الدول تحقيق مصالح تناسب دولهم ويكون لها موطئ قدم في بلاد العرب التي تعد من أغنى بلاد العالم، لكن الله ابتلاها بحكام تهمهم مصالحهم وزيادة أرصدتهم في البنوك العالمية على حساب شعوبهم.

ونلاحظ في الآونة الأخيرة سعي البلاد التي دخلت في الصراع السوري إلى تحقيق أهداف مقابل ما قدمته لرأس النظام، وبدأ السباق بينها لتوقيع اتفاقيات ملزمة عشرات السنين، عبر استئجار موانئ أو مصانع أو حقول نفط وعبر السيطرة على طرق تعد شرياناً رئيساً بالنسبة إليها.

ففي الوقت الذي دخلت فيه روسيا إلى سوريا مع نهايات عام 2015، توقع المعارضزن والمحللون السياسيون أغلبهم أنها دخلت للسيطرة على موانئ سوريا من جهة وسد الطريق أمام أوروبا لمنعها من استجرار الغاز من قطر، وهذا ما نراه ونلمسه حالياً عبر سيطرتها على الحدود السورية- الأردنية، بالإضافة إلى وضع يدها على الساحل السوري، وتتمثل هذه السيطرة في وضع قاعدة عسكرية في حميميم تتبع مباشرة لروسيا، واستئجار ميناء طرطوس مدة تصل إلى 49 عاماً، كما أنها تملك قاعدة عسكرية مقابل السواحل السورية من جهة طرطوس، وهكذا ضمنت روسيا سيطرتها بشكل شبه كامل على المياه الدافئة، وألزمت الحكومات التالية كلها ببنود العقد الذي وقعته مع نظام الأسد.

وأما إيران فلا بد لها أن تأخذ نصيبها من الكعكعة، وكان همها الأول والأخير فتح الطريق المار من العراق وسوريا الذي ينتهي في لبنان، ووجود ميليشياتها في جنوب البلاد “درعا” وفي شمال البلاد “حلب”، بالإضافة إلى وجودها شرق البلاد في “ديرالزور”، وهكذا بدأت خريطة “الهلال الشيعي” ترتسم، كما تحاول إيران أن يكون لها تواجد على الساحل، الأمر الذي تحقق نوعاً ما بسيطرتها على ميناء اللاذقية، ما أزعج روسيا وجعلها تفرض على بشار بيع ميناء طرطوس لها عشرات السنين.

السباق بات واضحاً بين الدولتين للسيطرة على منابع الحياة والاقتصاد وشرايين الطرق الواصلة بين المدن، لكن السؤال لم بدأ السباق؟

أعتقد أن مرحلة جديدة ستشهدها البلاد في الأشهر القليلة القادمة، وبعد أن وصلت روسيا إلى طريق مسدود في إعادة اللاجئين السوريين تيقنت أن بشار لا يمكنه إعادة الوضع إلى ما كان عليه، وفرض على روسيا التفاوض مع الدول النافذة في سوريا إن كان في العلن أم في السر، واللقاء الذي جرى بين ممثلي لجنة المفاوضات عن المعارضة السورية ومندوب روسيا ماهو إلا دليل على محاولة الطرف الآخر التقرب من روسيا لأن مرحلة الحسم قد حانت، فلا يمكن لروسيا أن تبقي الوضع على حاله، وفي ظل وجود بشار لا يمكن الوصول إلى حل، الأمر الذي دفعها إلى توقيع اتفاقيات تضمن بقاءها على الأرض السورية عشرات السنين.
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل