عائشة صبري – حرية برس:
افتتح “الائتلاف الوطني” لقوى الثورة والمعارضة، أمس الأربعاء، أول مقرٍ رسميٍ له داخل سوريا في قرية “عياشة” 6 كم شرقي مدينة الراعي شمالي حلب، وترافق الافتتاح مع استعراض عسكري كبير للجيش الوطني.
الخطوة الجديدة للائتلاف لقيت العديد من الآراء والانتقادات الإيجابية والسلبية، فمن السوريين من بارك وتفاءل خيرًا، ومنهم من قلّل من شأنها كونها جاءت متأخرة جدًا، كما قارن بعضهم بين الحفل الكبير من حيث تكلفته وبين استمرار المجازر ومعاناة المخيمات في الشمال السوري. “حرية برس” حاور عدداً من السياسيين حول تلك الخطوة ومدى أهميتها.
خطوة في الاتجاه الصحيح
“عبد الإله فهد” أمين عام الائتلاف الوطني السابق اعتبر أن افتتاح الائتلاف مقره الرسمي في الداخل هو “بالتأكيد خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح”، وأن البداية سوف تكون لنقل الائتلاف بشكل كامل إلى الداخل السوري، وإجراء لقاءات وفعاليَّات دائمة مع جميع الشرائح المدنية والعسكرية، وسوف يكون على مقربة من جميع المؤسسات وأهمها الحكومة السورية المؤقتة والجيش الوطني، بينما مكتبه في مدينة إسطنبول التركية سيكون “فرعيا”.
وأوضح “الفهد” أن المرحلة الثانية ستكون “العمل على هيكلية الائتلاف والعضوية”، وسيكون عمل الائتلاف في الداخل السوري له “انعكاسات إيجابيَّة خصوصًا على تقوية الائتلاف وعودته إلى مكانه الصحيح وعليه سوف يستعيد التأييد الدولي الذي خسره في السنوات الأخيرة، والتأييد الداخلي، فالناس تنتظر هذه الخطوة منذ وقت طويل لتجلس مع من يمثلها وتحاوره وتنقل إليه همومها ومشاكلها”.
فاتحة لمؤسسات ديمقراطيَّة
“مرح البقاعي” رئيسة حزب الجمهور السوري علقت على الخطوة بالقول: “أن تُشعل شمعةً خير من أن تلعن الظلمة”، ورأت أن هذه خطوة أولى في طريق صعب لكنه أصبح قريبًا ومعبّدًا أكثر مما سبق، وذلك نتيجة خفوت أزيز الرصاص وارتفاع صوت الخطاب السياسي، والأهم أن هذه العودة الرمزية إلى الأرض السورية ستكون فاتحة التأسيس لمؤسسات ديمقراطية تراعي الشفافية وسيادة القانون والتعددية، وتحقق المواطنة العادلة لكل أبناء الشعب السوري الحر”.
.
.
.
.
من جهته، أشار المحامي “محمد العبد الله” مدير المكتب السياسي في فرقة الحمزة، إلى أن وجود سلطة سياسية للمعارضة السورية إلى جانب حاضنتهم الشعبية يُسهّل تقديم الخدمات لهم، ويردم الهوة بين الخارج والداخل ويقارب وجهات النظر.
وقال “العبد الله”: إن “الجيش الوطني بحاجة إلى مظلة سياسية، وبالتالي وجود الائتلاف إلى جانب هذه السلطة العسكرية يقوّي دعمه، ونحن مقبلون على معركة كبرى ضد نظام الأسد والمنظمات الانفصالية الإرهابية والإرهاب المتمثل بشقيه (جبهة النصرة وداعش)، ووجود الائتلاف سيدعم مؤسسات الثورة الوليدة وبناء دولة العدل والقانون، وسيكون نقطة نحو ممارسة الديمقراطية في سوريا المستقبل”.
.
.
بادرة رمزيَّة
فيما اعتبر “فراس علاوي” رئيس تحرير موقع الشرق نيوز إعلان افتتاح مقر للائتلاف بالشمال السوري أنه “خطوة جيدة بشكلها العام لكنها أتت متأخرةً مما أفقدها المرجو منها، ولا ينطبق هنا قول (أن تأتي متأخرًا) فقد طلب من الائتلاف في السابق مرات كثيرة افتتاح مثل هكذا مقرات وقوبل بالرفض مما يدل على أن خطوة افتتاح المقر ليست بمبادرة من الائتلاف بل هي دعم لتوجه سياسي معيّن من الأطراف الداعمة”.
وقال “علاوي”: إنّه وبعد خسارة مساحات شاسعة لمصلحة نظام الأسد، وتلوين الائتلاف والفصائل العسكرية الموجودة بلون واحد يتبع إيديولوجية واحدة معينة، أصبح هناك تخوف من “تعزيز فكرة التقسيم” من خلال تحول المنطقة لغزة أخرى مهمتها فقط حماية الحدود التركية – السورية، هذا فيما لو كانت الخطوة جادة، مع عدم ثقتي بجديتها وهي “خطوة رمزية وبروبغندا إعلامية فقط، كما فقدت زخمها وقوتها منذ زمن كذلك فقد الائتلاف كثيرًا من زخمه ومصداقيته في الشارع الثوري”.
خطوة متأخرة
“بهاء الدين نجيب” مدير منظمة نبني للتنمية السياسية، رأى أن افتتاح المكتب في الداخل “لم يعدْ يحمل البعد الذي كان في السابق عند تأسيسه في نوفمبر 2012، فقد كان مطلب الثوار أن تكون القيادة السياسية ممثلة حقيقية لتطلعات الثورة، وأن يكون الائتلاف جزءًا حقيقيًا من مؤسسات الداخل السوري، ويخضع لحماية الثوار ليكون له الشرعية من الشعب لا من الدول التي تتحكم بقراراته، فافتتاح المكتب اليوم في مناطق تخضع لسلطة الجيش التركي بشكل أو بآخر لا يزيد من شرعية الائتلاف، بل على العكس يؤكد أن هذه المؤسسة السياسية باتت تتبع بشكل كامل لقرارات الدول”.
.
.
.
فيما أشار “رضوان الأطرش” الرئيس السابق للهيئة السياسية في إدلب، إلى أنه بُعيد تحرير مدينة إدلب عام 2015 تم طرح فتح مكاتب للائتلاف في الداخل، لكنه قوبل بالرفض حينها من قبل سلطة الأمر الواقع، واليوم يعود الائتلاف الوطني لفتح مقره في الداخل وهذه الخطوة هي “متأخرة ونأمل ألا تكون متعثرة” وتُضاف إلى جملة العثرات التي تمر بها سوريا.
وقال: إنَّه مطلوب من الائتلاف الوطني في هذه المرحلة “إعادة ترتيب الأوراق من جديد وعدم الاعتماد على الأسماء السابقة التي باتت غير مقبولة لدى الحاضنة الشعبية مع تقديم برنامج عمل سياسي واضح تقدّم من خلاله مصلحة الشعب السوري على مصالح بقية الدول”، وإن استطاعت القيادة الجديدة إيجاد صيغة توافق بين جميع المكونات في المناطق المحررة فإن هذا يعتبر “إنجازًا سياسيًا” وسبباً في تسريع عجلة الحل السياسي المبني على مرجعية جنيف والقرارات الدولية ذات الصلة، وعلى القيادة السياسية الجديدة استثمار الظروف الدولية وخاصة مسألة طرد إيران من سوريا والأزمة الاقتصادية التي سببها النظام للشعب السوري في أماكن سيطرته.
عذراً التعليقات مغلقة