بصفتي مواطناً مصرياً، لم أعد أهتم كثيراً بالحديث في الشأن السياسي البحت، بمعنى النظام السياسي والأحزاب والتعددية وتداول السلطة والانتخابات الحرة بأنواعها، رئاسية وبرلمانية ومحليات والاستفتاء على التعديلات الدستورية، بل سأذهب بعيداً حيث لم يعد يعنيني شيء من حرية الإعلام والصحافة ولا حتى حرية التعبير للمواطنين.
كل هذا لم يعد له أولوية عندي؛ لأن قناعتي أن المناخ السياسي المسدود لا علاج له إلا “ليس لها من دون الله كاشفة”.
لكن ما يعنيني الآن هو لقمة عيش الغالبية الساحقة والمسحوقة من الشعب، لا سيما الطبقة المتوسطة (اللي وسطها اتقطم).
ورغم إيماني أن الحرية أهم من الخبز (دائماً) لا أحياناً فحسب، لكن ما أصبح يعنيني بشكل أولي أن مجرد توفير الخبز، أصبح هماً لكثير من الأسر، في ظل لهيب الأسعار المجنونة التي ترتفع بشكل يكاد يكون يومياً.
يعنيني الفساد المستشري، في كثير من القطاعات، والسفه والترف على طريقة مؤتمرات شرم الشيخ، والمشروعات التي تبتلع مليارات القروض بلا عائد إنتاجي، لتزداد فاتورة الديون وفاتورة خدمتها وفوائدها العالية، (ومضارها علينا).
يعنيني سوء الخدمات في المصالح الحكومية، التي يترتب عليها سوء الأخلاق بين الموظفين والمراجعين لهم.
لستٰ والحمد لله، على المستوى الشخصي، أعاني من الغلاء ولهيب الأسعار بقدر ما يعاني الشعب غالبيته، وذلك من فضل الله، ولكني أشعر بهذه الغالبية وأراهم وأتابعهم، فلماذا لا يشعر المسؤولون بهم؟
اتقوا يا من تمسكون زمام السلطة، فلتنعموا بهذه السلطة ولن ننازعكم فيها ومن دون انتخابات شكلية، استمروا إلى نهاية أعماركم، لكن الناس تعبت فيسروا عليهم أيامهم وأعمارهم.
والله إني لأبكي الآن وأنا اكتب هذه السطور حزناً وكمداً وقهراً وحنقاً على ثورة عظيمة كانت محط آمالنا، لتنتقل مصر العظيمة وشعبها العظيم الصابر إلى ما نستحقه من مكانة.
اللهم عدلك وانتقامك من كل من أهدر ثمار هذه الثورة الشهيدة المغدورة بالغباء والاستبداد، كل بقدر سهمه وجرمه، ولن أغفر لهم أبداً، للفريقين معاً، وللأغبياء المعاندين المتعالين بالدرجة الأولى.
اللهم لا تهلكنا بما فعل السفهاء منا، اللهم نجّ مصرنا الحبيبة الكبيرة العظيمة من المؤامرات والفتن.
عذراً التعليقات مغلقة