يعد النظام السوري من أكثر الأنظمة دموية وقمعاً وانتهاكاً للحريات والحقوق الإنسانية، ويشكل الاعتقال والسجن والقمع الوحشي أبرز الأساليب التي استخدمها لمواجهة معارضيه ومنتقديه وإرهابهم.
لذا فإن السجون في سوريا هي البنية الأساسية التي يقوم عليها النظام المجرم في سوريا، وهي كثيرة جداً، ومن الصعب حصرها بدقة، فمنها العلنية وهي معروفة للجميع، والأخرى سرية لا نعلم عنها سوى قليل، ويصعب حصرها خاصة بعد انطلاق الثورة السورية.
فقد ذكرت مجلة “إيكونوميست” البريطانية أن القوات الأمنية التابعة للأسد قد حولت كثيراً من المنشآت الرياضية والمنازل المهجورة والمستشفيات والمدارس إلى سجون؛ منها سجن مطار المزة العسكري، وسجن في جبل قاسيون، إضافةً إلى سجون سرية كثيرة في منطقة سهل الغاب غربي حماة، التي تسيطر عليها ميليشيات طائفية تابعة لنظام الأسد، ومنها سجون أرياف حمص والقلمون التي تسيطر عليها ميليشيات حزب الله اللبناني.
ومن أكثر المعتقلات دموية في المنطقة الوسطى مسلخ “دير شميل” البشري الذي تديره ما تسمى بميليشيات الدفاع الوطني، التي كان يقودها المجرم “وليد أباظة”، وهو ضابط أمن متقاعد له اليد الطولى في مجزرة حماة 1982، واستُعين به في تشكيل ميليشيات الدفاع الوطني بعد اندلاع أحداث الثورة السورية عام 2011، ويعتبر مسلخ “دير شميل” البشري الذي يقع على طريق مصياف – حماة، الذي كان معسكراً لطلائع البعث من أكثر المعتقلات رهبة ودموية.
وقد كان مركزاً لتصفية الناشطين والمعارضين لنظام الأسد بعد أن يجري استجوابهم وأخذ المعلومات كافة منهم بطريقة وحشية وأساليب تعذيب تقشعر لها الأبدان؛ منها “الاغتصاب والشبح وحرق الأعضاء التناسلية والأماكن الحساسة”، ومن ثم يصار إلى تصفيتهم أو فديتهم بمبالغ مالية كبيرة جداً.
ومن الملاحظ وجود مقابر جماعية جديدة في محيط هذا المسلخ البشري حيث دُفن مئات من أبناء محافظة حماة في هذه المقابر الجماعية بعد تصفيتهم، وحقيقة لا توجد إحصائيات دقيقة لعدد الشهداء الذين قضوا ضمن هذا المعتقل الوحشي الرهيب.
وتنحصر المعلومات عنه فيما تناقله بعض المعتقلين الذين خرجوا منه لقاء مبالغ مالية ضخمة كانت تُدفع إلى هذه العصابات القائمة على إدارة هذا المسلخ الدموي، وما يجب التنويه إليه أن هذا المعتقل وغيره من المعتقلات السرية الكثيرة في سوريا هي خارج أي رقابة دولية، ولا يُسمح لأي جهة حتى لو كانت تابعة لنظام الأسد بزيارته أو الاطلاع عليه لأنه كان يقاد من جانب ميليشيات طائفية تمارس سياسة التطهير الطائفي بصورة بعيدة عن أجهزة المراقبة الدولية.
وكان ذلك يحدث بمباركة رأس النظام، كون تلك الميليشيات تتبع بصورة مباشرة لمكتب الأمن القومي الذي يُشرف عليه المجرمان علي مملوك وجميل الحسن، ولا بد أن نشير إلى أن تلك السجون، والانتهاكات الوحشية التي تتم فيها مخالفة لكل الأنظمة والشرائع، ولمبادئ القانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الامن ذات الصلة.
فالمادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف لعام 1949 التي تعد الجمهورية العربية السورية من الأطراف المتعاقدة فيها، وغيرها من مواد القانون العرفي الدولي المنطبق على النزاعات المسلحة تجرم القتل والتعذيب والإعدام بدون مراعاة الأصول القانونية الواجبة.
وقد طالب القرار 2191 لعام 2014 الصادر عن مجلس الأمن أطراف النزاع السوري المسلح جميعهم بإنهاء الممارسات التي تؤدي إلى أعمال القتل والإعدام الميداني والتعذيب والإخفاء القسري والانتهاكات الأخرى للقانون الدولي.
كما أن المادة 53 من الدستور السوري لعام 2012 والمادة 391 من القانون الجنائي السوري تحظران التعذيب؛ حيث أن الدستور الذي كتب حروفه نظام الأسد عام 2012 يجرم الاحتجاز التعسفي في المادة 51-53، إلا أن نظام العدالة الجنائية في سوريا الذي يشمل المحاكم المدنية ومحكمة مناهضة الإرهاب والمحاكم الميدانية والعسكرية لم يحافظ على أي معيار من المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وما زال يضرب بعرض الحائط بالقرارات والاتفاقات الدولية كلها حول هذا الأمر، وما زال مستمراً في الانتهاكات الوحشية لحقوق الإنسان في المعتقلات السورية، وضد المدنيين في المناطق الكثيرة بشكل شامل وممنهج.
Sorry Comments are closed