* طارق الحميد
عندما تشاهد الحراك الدبلوماسي حول الأزمة السورية، وتحديدًا الأميركي – الروسي، تعتقد أن شيئا ما يحدث، لكن القراءة المتأنية للتصريحات الأميركية – الروسية لا تعكس أفعالاً جادة، وهذا ما يؤكده سير الأحداث، حيث لم تتوقف آلة القتل الأسدية، ولا تدفق المقاتلين المحسوبين على إيران، ولا تزال «داعش» موجودة.
وهذه التصريحات غير ذات الجدوى حيال الأزمة السورية لا تقتصر على الأميركيين والروس فقط، فوزير الخارجية البريطاني، مثلاً، تحدث أول من أمس أمام نظيره الأميركي في لندن عن أن «روسيا على وجه الخصوص تملك قدرة فريدة على إقناع نظام الأسد بإنهاء المذبحة والعودة إلى طاولة المفاوضات». ومن الواضح أن واشنطن تشاطر بريطانيا النظرة نفسها، ولا تزال تحاول إقناع موسكو بضرورة رحيل بشار الأسد. والسؤال هنا هو: ما «القوة الفريدة» لدى موسكو؟ وهل يمكن تصديق الروس فقط بالكلام؟ بل ما الذي أنجزه الروس في سوريا منذ عام عدا إبقاء الوضع على ما هو عليه، حيث لم ينتصر الأسد، كما لم تستطع روسيا دحر «داعش»، ولا حتى كسر المعارضة، ولم توقف موسكو آلة القتل الأسدية؟
الحقيقة هي، وخصوصًا مع اقتراب الانتخابات الأميركية، والأزمة الأوروبية بعد تصويت بريطانيا بالخروج، ومع الزلزال السياسي الحاصل الآن في تركيا، أن كل ما يقال دبلوماسيا حيال الأزمة السورية لا يعدو أن يكون إلا تصريحات لا قيمة لها عمليًا من ناحية وقف آلة القتل الأسدية، ولو كان هناك جدية غربية لرأينا، على الأقل، دعمًا حقيقيًا للمعارضة، وتصعيدًا غربيًا ومطالبات جادة بضرورة أن تكف إيران عن إرسال المقاتلين والأسلحة لسوريا، ومطالبات جادة وضغوطا لخروج ما يسمى «حزب الله» من هناك، مثله مثل «داعش» و«جبهة النصرة». ولو كان هناك جدية لرأينا تصعيدًا من المنظمات الحقوقية الدولية حيال ذلك، وتحديدًا من «رجل القلق الأول» في العالم الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون، إلا أن ما نراه حتى الآن مجرد حديث عن التنسيق حول ضرورة التنسيق، أي لا شيء!
وعليه، فالواضح الآن أن جميع الأطراف غير جادة، أو غير قادرة، على فعل شيء طالما أن الإدارة الأميركية لا تنوي التحرك بجدية لوقف آلة القتل الأسدية. وبالنسبة للروس، والأسد، وإيران وأتباعها، فإنهم لن يتوقفوا طالما لا توجد خطوات غربية جادة في سوريا بقيادة أميركية، فالروس والأسد والإيرانيون غير معنيين بالتصريحات، بل ربما يقرأونها بطريقة مختلفة تعني أن عليهم الاستمرار بما يفعلونه، وألا رادع لهم. وما يجب أن نتذكره هو أن الأسد وحلفاءه، ومعهم روسيا، لا يفهمون إلا لغة الأفعال، وليس التصريحات. وطالما أنه ليس هناك أفعال من قبل الغرب، وتحديدًا أميركا، فعلينا ألا ننتظر حلولاً جدية في سوريا، بل مزيدًا من المعاناة، والتداعيات الأمنية الخطرة على المنطقة، والغرب عمومًا.
* نقلاً عن: “الشرق الأوسط”
عذراً التعليقات مغلقة