محمود أبو المجد
شاهدنا على وسائل الإعلام المرئية دخول القناة 11 الإسرائيلية إلى مناطق سيطرة “قسد” في القامشلي في ريف الحسكة، ما يعتبر عمالة واضحة لا يمكن أن تبرر بأي شكل من الأشكال.
فأن تسمح لعدوك بالدخول إلى مناطقك يعني أنك لم تعد تراه عدواً، بل حليف وداعم لعملك، وفي المقابل قد يرى البعض أن دخول قناة إسرائيلية إلى مناطق سيطرة ميليشيا “قسد” أمر طبيعي ما دامت الولايات المتحدة الأمريكية، الحليف الأول لإسرائيل، الداعم الأكبر لهذه الميليشيات.
وقد رأى نظام الأسد عبر وسائل إعلامه دخول القناة الإسرائيلية خيانة، وهذا ما لا يبرره حر شريف، لكن كيف لو كان المستنكر هو النظام الذي ظهرت عمالته وخيانته للشعب السوري وتضحياته على مدى عشرات السنين، فالشعب السوري الذي صبر على القهر والجوع في سبيل بناء جيش قوي لحماية حدود سوريا من أي عدوان، لم يضع في حسبانه أن هذا الجيش وقوته ستتحول ضده وسيقتله بدم بارد مستخدماً أنواع الأسلحة كافة، في وقت لم يحرك فيه ساكناً في سبيل استعادة الجولان المحتل الذي كان حجة له للبقاء على كرسي السيادة.
كما أن توقيت استنكار وسائل إعلام النظام بأمر من رأسه ليس جيداً، فلو كان بالفعل عدواً لإسرائيل لحرك جيشه بعد إعلان ترمب سيادة اسرائيل على مرتفعات الجولان، لكن تحركه دائماً يتمثل عبر الرقص والدبك وظهور شخصيات كراكوزية من ممثليه الذين أظهروا غباءً مستفحلاً من أمثال دريد لحام وكندة حنا التي قالت في مقطعٍ مصورٍ نشرته عبر حسابها الشخصي على “إنستغرام” إن “الرقص والضحكة هي الوسائل الأقوى للرد على العدو الإسرائيلي، وبالفن ترتقي الشعوب”.
فكيف للعاقل أن يصدق أكاذيب النظام بعد كل الدماء التي سالت على ثرى الأرض السورية، وبعد سماحه بدخول أنواع الاستعمار كلها إلى الوطن بذريعة محاربة الإرهاب الذي صنعه بنفسه، وهل سيصدق أحد كلامه عن المقاومة والممانعة بعد فقدانه دفة القيادة التي باتت تديرها روسيا وايران، وبعد أن تحولت سوريا إلى بلد محتل، هذا عدا عن حقائق تظهر تنازله عن الجولان لمصلحة إسرائيل التي كانت وما زالت تحميه، وأصبح حاله كحال العاهرة التي تتحدث عن الشرف، ومن فقد الشرف لا يعطي دروساً فيه.
عذراً التعليقات مغلقة