في ذكراها الثامنة: الثورة عهد لا ينتهي

أحمد الرحال15 مارس 2019Last Update :
أحمد الرحال

تدخل الثورة السورية اليوم عامها الثامن بعد انطلاقها في آذار 2011، بدأها الشعب السوري بأطيافه كافة من أجل إسقاط نظام الاستبداد والقمع والإجرام ونيل الحرية والكرامة، بعد أكثر من 4 عقود من تسلط عائلة الأسد الحاكمة بدءاً من الأسد الأب إلى الأسد الابن.

أطياف الثورة السورية جميعها، سواء العسكرية أو السياسية أو المدنية، يعلمون جيداً أن عام 2018 كان مليئاً بالخسارات والانكسارات والعثرات في طريق الثورة، بعد أن فقدت كثيراً من المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة الفصائل الثورية، لتخسر استراتيجياً في جنوب البلاد مروراً بوسطها، حتى يبقى شمالها مكاناً جامعاً للنسيج السوري المناهض لنظام الأسد، والمطالب بإسقاطه وتحقيق الثورة أهدافها.

ربما جاءت الخسارات تحت واقع الضغط الروسي والإيراني السياسي والعسكري لمساندتهم نظام الأسد، إلا أنها لم تنزع شرارة الثورة فيمن قلوب ثوارها أو تطفئها حتى، لا سيما أنه حتى هذا اليوم ورغم احتلال روسيا والنظام تلك المناطق التي قاموا بتهجير أهلها قسرياً، إلا أنه هناك الذين ما زالوا ينتمون إلى هذه الثورة ويرفضون حكم الأسد حتى وإن كان قابعاً في مناطق سيطرة قواته.

يعلم نظام الأسد وروسيا وإيران جيداً أنهم فشلوا في إخماد شرارة الثورة السورية، ليصبح آخر حلولهم السعي إلى تغيير البلاد ديموغرافياً بعد تهجير كل من يعارض هذا النظام ويطالب بإسقاطه، سواء كان مدنياً أم عسكرياً، يعرفون حق المعرفة أن هذا الشعب الذي استخدمت بحقه أشد أنواع الأسلحة فتكاً في التاريخ ما زال صامداً في وجههم، وما زال يطالب بإسقاط النظام، من الداخل، من الخارج، من كل بقعة على وجه الأرض يقطن بها سوري مناهض للنظام.

كان الأمر واضحاً منذ البداية، منذ ثمانية أعوام في مثل هذا اليوم، عندما خرج المتظاهرون في دمشق ليلحق بهم أهالي درعا ومن ثم حمص (…)، وكان مطلبهم واحد تحت راية واحدة، وهو إسقاط النظام ولا بديل عن ذلك مهما كلف الأمر.

اليوم يخرج أبناء الشعب السوري في المناطق المحررة الخارجة عن سيطرة نظام الأسد وروسيا، يجددون عهدهم في الذكرى الثامنة لثورتهم، يؤكدون على استمرارها حتى تحقيق جميع أهدافها، وعلى رأسها إسقاط النظام، والإفراج عن المعتقلين القابعين في سجونه، وعودة اللاجئين والمهجرين إلى مدنهم التي هجروا منها، يخرجون اليوم من دون خوف أو رادع يمنعهم من ذلك، مؤمنين بقضيتهم التي بذلوا فيها الغالي والنفيس منذ ثمانية أعوام وحتى اليوم، لا مثل أولئك ’’الممثلين‘‘ الذين وجهوا انتقادات على أزمات الغاز وغيرها في مناطق النظام، وما زالوا يوالون الأسد ويعشقون البقاء تحت حكمه واستبداده خانعي الرؤوس تحت ’’البوط العسكري‘‘.

بعد كل هذه الأعوام، الثورة تبقى مستمرة رغم الجراح والألم والفقد، رغم كل ما واجهه الشعب السوري من إرهاب الأسد وحلفائه روسيا وإيران ومليشياتهم ومرتزقتهم، ومن استخدام أنواع الأسلحة المحرمة دولياً كافة بحق الشعب الثائر؛ بدءاً من الرصاص الحي إلى المدافع والدبابات والصواريخ الفراغية والبراميل المتفجرة والقنابل العنقودية والنابالم والفوسفور الأبيض وانتهاءً بالكيماوي، رغم صمت المجتمع الدولي والعالم العربي والإسلامي، ورغم تخليهم عن مبادئهم وإنسانيتهم وانحيازهم للمجرم ومعاودة الوقوف إلى جانبه والسعي إلى إعادة التطبيع معه من جديد بعد أن دعا معظمهم إلى تنحيه عن الحكم عند اندلاع الثورة السورية.

سيبقى يوم 15 آذار 2011 محفوراً في ذاكرة السوريين الذين وقفوا في وجه نظام القمع والاستبداد، سيبقى ربيعاً سورياً يتجدد العهد به في كل عام حتى إسقاط النظام الذي حكم البلاد تحت قبضة من حديد أكثر 40 عاماً.

Comments

Sorry Comments are closed

    عاجل