قال رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، “من المؤكد أن هناك أمور يجب أن تتغير في سوريا، إلا أن الأسد يجب أن يتغير قبل كل شيء، فبدون رحيله لن يتغير أي شيء في موقف تركيا حيال سوريا، لأنه السبب الرئيس فيما آلت إليه الأمور حاليًا في بلاده”.
جاءت تصريحات رئيس الحكومة التركية، خلال مشاركته في برنامج حواري بثته شبكة “بي بي سي” البريطانية، اليوم الخميس، تطرق خلاله إلى الحديث عن عدة أمور متعلقة بالسياسة الخارجية التركية، وبمبادرة الحكومة منح الجنسية للاجئين السوريين، ومساعي تطبيق النظام الرئاسي في البلاد، وجهودها في مكافحة الإرهاب.
وتابع يلدريم بخصوص موقف بلاده من سوريا، قائلًا “تنظيم داعش الإرهابي ونظام (بشار) الأسد، موجودان في سوريا، ولا يمكن تفضيل أحدهما على الآخر”، مشددًا على “ضرورة رحيل الإثنين معًا، لأنه إذا رحل داعش وبقي الأسد، فالمشكلة لن تُحل، لأن بقاء النظام في البلاد، كفيل بإفراز مجموعات إرهابية أخرى”.
وأمس الأربعاء، قال يلدريم “نعتزم توسيع صداقاتنا في الداخل والخارج، ولقد بدأنا في فعل ذلك خارجيا، حيث أعدنا علاقاتنا مع إسرائيل وروسيا إلى طبيعتها، ومتأكد من عودتها مع سوريا أيضا”، مشددًا على ضرورة “إرساء الاستقرار في سوريا والعراق، وأن تكون فيهما إدارة سياسية قوية، يمثل فيها جميع أخوتنا هناك، وهذا لا مفر منه، حتى يتسنى لنا النجاح في مكافحة الإرهاب”.
جهود تركيا لمكافحة الإرهاب في الداخل والخارج
وبخصوص جهود تركيا في مكافحة الإرهاب، في الداخل والخارج، قال يلدريم، إنهم يكافحون الإرهاب منذ نحو 40 عامًا، مضيفًا “نحن نقول إن الإرهاب لا دين ولا مذهب ولا مقدسات له، فهو تهديد عالمي، ولابد أن تتحرك جميع الدول معا من أجل أمن ومستقبل الإنسانية بأكملها”.
ولفت أن أنقرة تدعم في سوريا “المجموعات التي أنشأها الشعب للنضال في سبيل نيل الاستقلال، ولا تدعم بأي حال أية مجموعات أخرى، سواء تنظيم داعش الإرهابي، أو منظمة ،ب ي د، (الامتداد السوري لمنظمة بي كا كا الإرهابية)، أو قوات الأسد”.
وشدد رئيس الوزراء على أن “تنظيم داعش لا دين له، ولا يمثل الإسلام، كما أنه ليس دولة تم تأسيسها، لابد لنا أن ننظر إلى الطريقة والزمن اللذين ظهر فيهما التنظيم الإرهابي الإجرامي، كما تعلمون ظهر بسبب فراغ السلطة، وعدم الاستقرار بعد غزو العراق (عام 2003)”.
وجدد يلدريم تأكيده على أن بلاده “لم تظهر أبدا تعاطفا مع أي منظمة إرهابية، مستطردا “لم نفعل ذلك في الماضي، ولن نفعله في المستقبل، وهذا مرده إلى أننا عشنا مآسي كبيرة بسبب الإرهاب لا يعرفها غيرنا”.
وذكر أن “منظمة، بي كا كا، لا تهتم بشأن الأكراد الذين يعانون من ممارساتها الإرهابية، ويقتلون كل من يعترض طريقها، لذلك وجب على الدولة التركية القضاء عليها”، معربًا عن استيائه” من دعم بعض بعض أصدقاء تركيا (لم يسمهم) لتنظيم ب ي د، بحجة القضاء على تنظيم داعش، في سوريا”.
واضاف “من الخطأ تقديم الدعم لمنظمة إرهابية بحجة القضاء على تنظيم إرهابي آخر، الآن يقوم بعض أصدقائنا بدعم، ب ي د، من أجل القضاء على داعش، لكنهم سيضطرون يوماً ما لدعم تنظيم إرهابي آخر للقضاء على الأول (في إشارة إلى ب ي د)”.
الاتفاق التركي الأوروبي لوقف تدفق اللاجئين:
وفي شأن آخر، وبخصوص الاتفاق التركي الأوروبي الذي وقع آذار/مارس الماضي، لحل أزمة اللاجئين، قال رئيس الوزراء إن بلاده “أدّت ما عليها من واجبات حيال الاتفاق الذي كان سببًا رئيسًا في خفض عدد المهاجرين غير القانونيين من 7 آلاف يوميًّا إلى 40 فقط”.
وتابع في ذات السياق “لكن في المقابل على الاتحاد الأوروبي الإيفاء بالتزاماته التي يقتضيها الاتفاق، وإلغاء تأشيرة دخول دوله، بالنسبة للمواطنين الأتراك، فضلًا عن تقديم 6 مليارات للاجئين على مدى 5 سنوات”، موضحًا أن تركيا حققت الشروط الـ 72 الخاصة بالاتفاق.
وردًّا على سؤال عما إذا كانت بلاده ستسمح للمهاجرين بالذهاب إلى أوروبا، في حال لم ترقها المستجدات في القضية، قال يلدريم “لا نسعى لإطلاق مثل هذا التهديد، لم نلجأ أبدًا، خلال عملنا، إلى تهديد أصدقائنا”، مضيفًا “الاتحاد الأوروبي لا يقدم مكرمة لنا، بل حق. لقد نفذنا ما يتوجب علينا، ونقول لهم “الأوروبيين) عليكم أنتم أيضًا أداء ما يقع على عاتقكم”.
وفي 18 مارس الماضي، وقع الطرفان اتفاق (إعادة القبول) لوقف تدفق اللاجئين إلى أوروبا، ومكافحة الهجرة غير الشرعية، وتهريب البشر، في العاصمة البلجيكية بروكسل ، وتقوم تركيا بموجب الاتفاق الذي بدأ تطبيقه في 4 نيسان/آبريل الماضي، بإستقبال المهاجرين الواصلين إلى جزر يونانية ممن تأكد انطلاقهم من تركيا.
وبموجب الاتفاق ستتُخذ الإجراءات اللازمة من أجل إعادة المهاجرين غير السوريين إلى بلدانهم، بينما سيجري إيواء السوريين المعادين في مخيمات ضمن تركيا، وإرسال لاجئ سوري مسجل لديها إلى بلدان الاتحاد الأوروبي مقابل كل سوري معاد إليها، على أن يتكلف الاتحاد الأوروبي بمصاريف عملية التبادل وإعادة القبول.
وفي المقابل، يلغي الاتحاد الأوروبي التأشيرة المفروضة على الأتراك من أجل دخول البلدان الأعضاء فيه، ويرفع المبلغ، الذي كان تعهد بتقديمه لتركيا من أجل اللاجئين السوريين، من 3 إلى 6 مليارات يورو.
وحول تصريحات رئيس الوزراء البريطاني المستقيل، ديفيد كاميرون، بخصوص مفاوضات عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، خلال حملته قبل الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد، قال يلدريم “ليت كاميرون لم يزج بتركيا في هذه الحملة، وبقي على الحياد، لربما كانت نتيجة الاستفتاء مختلفة”.
وفي حزيران/ يونيو الماضي، قال كاميرون، في تلك التصريحات “إن ظلت أنقرة على نفس الوتيرة التي تسير عليها، منذ تقديمها طلب الانضمام لأوروبا، عام 1981، فإن عضويتها في الاتحاد ستتحقق عام 3000”.
وأظهرت النتائج الرسمية لاستفتاء البريطانيين على عضوية بلادهم في الاتحاد الأوروبي، الذي جرى في 23 حزيران/ يونيو الماضي، تصويت 52% من الناخبين لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد، مقابل 48% صوتوا لصالح البقاء فيه.
منح الجنسية للسوريين سيتم وفق شروط معينة:
وفيما يخص حالة الجدل المتعلقة بمبادرة أطلقها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لمنح اللاجئين السوريين، في تركيا، قال يلدريم إنّ بلاده “قدّمت للسوريين الخدمات التعليمية والصحية وسمحت لهم بالعمل في مختلف المجالات، وأنّ الخطوة القادمة ستتمثل في منحهم الجنسية، وفق شروط معينة (لم يحددها)”
وجدد يلدريم تأكيده على وجوب أن تخلو سجلات اللاجئين السوريين الذين سيحصلون على الجنسية التركية، من الجرائم والأعمال الإرهابية، مشيراً أنّ حكومته لن تمنح لهؤلاء، الجنسية مطلقاً.
ومطلع الشهر الجاري، أعلن الرئيس التركي، وجود سوريين يرغبون في الحصول على الجنسية التركية، مبينًّا أن وزارة الداخلية اتخذت خطوات من شأنها تسهيل ذلك، وقال “سنعمل على إتاحة إمكانية حصولهم على الجنسية، من خلال مكتب أسسته الوزارة لهذا الغرض.
وتستضيف تركيا، التي تنتهج سياسة الباب المفتوح، حيال السورين الفارين من الحرب الدائرة في بلادهم منذ العام 2011، أكثر من 2.7 مليون، منحتهم صفة “الحماية المؤقتة”، القاضية بتأمين الحماية لكل من يُهجّر من بلاده، ويلجأ إلى تركيا أو الحدود التركية لظروف تهدد حياته، وتمنعه من العودة إلى بلاده.
ويشمل قانون الحماية المؤقتة الزوجة والأولاد، كما يقضي بمنح السلطات التركية حق البقاء للشخص المشمول بالقرار في تركيا إلى أن يقرر بنفسه العودة إلى بلده دون أي إكراه، وتكفل الحكومة للمشمولين بالقانون، حق التعليم والرعاية الصحية والحصول على المساعدات.
النظام الرئاسي في تركيا
وتعليقاً على مساعي حكومته الرامية للانتقال بحكم البلاد من نظام برلماني، إلى آخر رئاسي، أوضح يلدريم أنّه في “حال إحلال النظام الرئاسي، فإنّ ذلك سيزيل احتمال تأسيس حكومات ائتلافية، وسيساهم في تسريع عملية النهوض في البلاد، من خلال إدارة قوية، دون إلغاء دور النواب في البرلمان”
واستطرد “النواب في البرلمان سيتمتعون بصلاحيات مثل المصادقة على الميزانية، ومراقبة الرئيس، وبالمحصلة فإنّ دورهم سيزداد قوة عند الانتقال إلى النظام الرئاسي”.
ورداً على منتقدي النظام الرئاسي، الذين يدّعون بأنّ هذا النظام يولّد نظاماً استبدادياً، أفاد رئيس الوزراء “هذه ادّعاءات ليست صحيحة”، متسائلا عمّا إذا كانت هناك ديكتاتورية في النظام الرئاسي القائم في الولايات المتحدة الامريكية، وفرنسا.
عذراً التعليقات مغلقة