بسام الرحال – حرية برس:
لممارسة الرياضة بشكل يومي، فائدة جسدية وفكرية كبيرة، وتؤدي إلى تعزيز التفاؤل والتجدد والإصرار على المتابعة بدلا من الركون إلى اليأس والسوداوية التي لا تفيد بشيء إلا الإحباط، وقد يكون مثيراً وغريباً الحديث عن النشاطات الرياضية في سوريا عموما، والمناطق التي تتعرض لقصف مستمر خصوصاً، فالرياضة ترتبط غالبا بالطمأنينة والاستقرار، وسوريا لا تنعم منهما بشيء منذ أكثر من 5 سنوات.
في سوريا توقفت الرياضة بشكل كامل، ومع طول أمد الأزمة عادت من جديد كنوع من التمرد على الواقع وإراحة البال من مشاهد القتل والدماء وتشييع الشهداء التي لم تنقطع خلال الأعوام الماضية.
وتبقى الرياضة في جميع دول العالم مجرد هواية، أما في سوريا فالوضع مختلف، فخلال الأيام العصيبة التي تمر على الشعب السوري تعتبر الرياضة فرصة للترويح عن النفس، وزيادة النشاط في وقت كثرت فيه الضغوط النفسية، فدائما ما يحب الإنسان أن يشغل نفسه بشيء ما لعله ينسى واقعة المرير، وكما عودنا الشعب السوري دائما على تجاوز ظروفه القاسية، عادت الرياضة لمدن ومناطق مختلفة في سوريا، في مجابهة للواقع والحصار المفروض على السوريين، متحدين بذلك قصف الأسد.
يقول “سامر السليمان” وهو أحد منظمي دوري كرة الطائرة في الحولة بريف حمص الشمالي :”كرة الطائرة فسحة أمل بالنسبة لنا في ظل الموت والدمار الحاصل في سوريا عموماً، وفي مدينة الحولة خصوصا، فالشباب يوجد منهم المتعلمون والعسكريون وأصحاب المصالح، نجتمع في أحد أيام الأسبوع في الملعب، وطبعا بدون أن ننسى المأساة التي نعيشها”.
ويضيف “سامر” قائلا: “لا يوجد لدينا القدرة للذهاب إلى المطاعم أو القيام برحلات ترفيهية، لذلك نحن بالنسبة لنا فسحة الأمل هي كرة الطائرة، فلا بد للحياة أن تستمر ولا تتوقف أبدا عن موت أحد أو فقدانه، ولكي نستطيع الاستمرار لابد من تخطي جميع العقبات التي تواجهنا، والتغلب على جميع الصعوبات، فنحن لم نعتد القصف بداية، وكذلك النزوح وعدم الاستقرار، ولكن بعد فترة عادت الناس لممارسة حياتها اليومية بشكل طبيعي رغم كل الظروف القاسية”.
ويحدثنا “علي عثمان” وهو لاعب سابق بكرة القدم بإحدى الأندية الرياضية في مدينة ادلب: “كنا فيما مضى نشكل فريقاً بشكل رسمي، وشاركنا بعدة بطولات على مستوى المنطقة في مدينة ادلب، أما الآن فالأمر لا يتعدى كونه للتسلية و للترويح عن النفس في ظل البطالة المنتشرة في المجتمع، فأغلب الشبان هنا ليس لديهم عمل دائم ملتزمون به، فنأتي إلى الملعب يوميا لتمضية بعض الوقت الممتع مع الأصدقاء والمرح قليلا للتغلب على الحياة التي أصبحت مملة، دون أن ننسى ثورتنا ومطالبنا فنحن نعيش معها يوماً بيوم ولحظة بلحظة”.
ويتابع “علي”: “نعيش بشكل دائم في ضغط نفسي مستمر بفعل حالة الحرب الدائرة والقصف والمعارك المستمرة، نجد في ممارسة الرياضة وكرة القدم تحديدا متنفساً نخرج به من ويلات الحرب، ننسى مأساتنا لوقت قصير، ولكن ما نعيشه أكبر من أن ينسى، ولكن الحياة مستمرة وعشقنا للرياضة هو انتصار لإرادة الحياة وانتصار للأمل على سلاح القتل، فمهما تعرضنا للإجرام من قبل قوات النظام وآلة القتل فلن يسلبنا حياتنا وأملنا بمستقبل أفضل”.
“فؤاد قدور” عضو سابق في الإتحاد الرياضي لكرة القدم في سوريا، يقول: “يجب الاستمرار في تنفيذ وإقامة الأنشطة الرياضية والشبابية كرد على عدوان النظام السوري على الشعب الأعزل، والرياضة صورة من صور الصمود والتلاحم والتحدي أمام العدوان الذي استهدف النيل من الشعب وتدمير مقدراته البشرية وبنيته التحتية ومنها الرياضية والشبابية، فالرياضة رسالة سلام ومحبة، ولم تكن أداة حرب وفتنة”.
ويوضح “القدور”: “أن الرياضة تستهدف في سوريا بشكل لا يرضاه عاقل، وجميع مدن وقرى سوريا طالها القصف ولا تزال، تدمرت منشآت وبنى تحتية كلفت الدولة أموالا طائلة لبنائها”.
ويرى “أنه لابد من الاستمرار في إقامة الأنشطة الرياضية، رغم أن هناك تخوف من ذلك، ولابد من تنظيم البطولات والمسابقات الرياضية المتعددة في حدود الإمكانيات المتاحة ولو بشكل متواضع، كرسالة واضحة للنظام السوري وداعميه بأن الرياضة في سوريا قادرة على مواجهة العدوان والصمود في وجهه، وإن استهداف المنشآت الحيوية والإستراتيجية بشكل عام والمنشآت الرياضية بوجه خاص يؤكد حقد النظام السوري بشكل ليس له مثيل، باعتبار أن قصف المنشآت الرياضية واستهداف مصالح الشباب والرياضيين لا يقوم بها سوى من يحمل حقداً دفيناً على الشعب السوري”.
وأكد “القدور” أن المنشآت الرياضية ليس لها أي علاقة بالسياسة وما يجري من أحداث، وإنما هي مصالح عامة يستفيد منها كافة أبناء الوطن بدون استثناء خصوصا الشباب والرياضيين، لافتا إلى أن تدمير البنية التحتية الرياضية كان له أثر كبير على نفسيات لاعبي المنتخبات الوطنية والاتحادات والأندية الرياضية والشباب الذين يعتبرونها مكانا لتعزيز قدراتهم البدنية”.
عذراً التعليقات مغلقة