محمود أبو المجد
لماذا تزداد أعداد المطلوبين لخدمة الاحتياط حتى وصلت إلى أعمار كبيرة؟ سؤال قد يحير السوريين، وقد يخيف آخرين منهم، مع ملاحظة أن نسبة المطلوبين للاحتياط هم من المعارضين، أو من شباب المصالحات في المناطق التي خضعت للتسويات بعد اتفاقيات مع النظام و حليفه الروسي .
والأرقام مخيفة بالنسبة إلى أعداد المطلوبين للاحتياط، ففي كل محافظة آلاف أو مئات الآلاف ممن هم في قوائم المطلوبين، وبعد سيطرة جيش النظام على مناطق متفرقة بمساعدة روسية من جهة، وعملاء التسويات من جهة أخرى ازدادت النسبة أكثر فأكثر، وقد يخطر في البال أن طلب كل هذه الأعداد هدفه التحضير لمعركة كبيرة، و يتساءل المواطن أي معركة هذه التي تحتاج إلى كل هذه الأعداد مع ملاحظة عدم طلب هذه الأعداد مع بداية الثورة السورية حتى من مناطق سيطرة النظام التي كان ينعم شبابها ورجالها بالأمن والابتعاد عن خدمة الاحتياط، و آنذاك كان النظام السوري يستجدي كل مرتزق من إيران و لبنان و العراق.
و هذا ما يدفعنا إلى التفكير ملياً بالهدف الذي يكمن وراء ما يسمى بالاحتياط، ونحن نعلم أن النظام لا يقدم على خطوة إلا بهدف معين يصب في مصلحته على المدى الطويل، والمقولة التي تتحدث عن أن ازدياد طلب الاحتياط ما هو إلا تحضير لمعركة ادلبـ ليست إلا ذراً للرماد في العيون، فلو كان النظام بحاجة إلى عناصر لدفع الميليشيات التي يثق بها في مثل هذه المعركة التي قد تكون مصيرية، ففي المعارك التي يعلم قوة المنافس له لا بد أن يدفع بالعناصر الأكثر ثقة.
و يمكننا استنتاج أمر واحد من فرض خدمة الاحتياط على الرجال حتى عمر 43 عاماً، فما هو إلا لإعادة شباب ورجال التسويات لبيت الطاعة الأسدي، أو لتكون هذه حجة للتخلص من معارضيه الذين أبدوا مرونة في تلك الكذبة التي سميت بالمصالحة، ولا يمكن أن يعيد فرمتة عقولهم إلا عبر الخدمة العسكرية، وحينها يستطيع ترويضهم وتركيعهم عبر دروس التوجيه السياسي، هذا وقد تصل إلى مرحلة غسيل الأدمغة بزرع فكرة الإرهاب في بال هؤلاء الذي اقتادهم.
و كم سمعنا عن شباب كانوا ثواراً ومن ثم أُخِذوا إلى الاحتياط بعد التسوية المزعومة التي قاموا بها، والهدف عند النظام هو أكبر مما نتصور، فهو يعلم أن من ذاق الحرية لا يمكن أن يتجرع مرارة الإخضاع وكم الأفواه. ولربما هذه إحدى أهم أهدافه والصور كثيرة التي تؤكد هذه الفرضية، مع مشاهدة رجال كبار في العمر قد اقتادهم إلى الخدمة في صفوف قواته، هذا واستهدف النظام هذه الشريحة من الشباب لإخلاء المدن والقرى التي كانت في يوم ما ثائرة، وحتى لا يفكر السوريون في الثورة أو في المعيشة حتى، فأفضل وسيلة للدفاع عن كرسيه هو إذلال هؤلاء الشباب، ليقال عن الثورة السورية بأنها السبب وراء إذلالهم، وبذلك يضمن عدم عودتهم ولو بالتفكير بثورة قد تغير الواقع.
وما نشاهده هو طوابير طويلة من شباب سلموا رقابهم لهم ما هو إلا غربلة لمن تبقى في صفوف الثورة، ولكن لم يعرف معنى حجم هذه الكلمة.
عذراً التعليقات مغلقة