هل من سبيل لنصر الثورة؟

زكي الدروبي8 فبراير 2019آخر تحديث :
هل من سبيل لنصر الثورة؟

تقترب ذكرى مرور ثماني سنوات على انطلاق ثورة الشعب السوري ونحن في النضال مستمرون، نحتمل خذلان العالم وصمته على مجازر يندى لها جبين البشرية، وعلى تفرق قوى الثورة والمعارضة السياسية وهيمنة التطرف وتسلطه على رقاب أبناء الثورة، ونتحمل الصعوبات المعيشية والمعيشة القاسية التي يعيشها أهلنا في مخيمات النزوح والضغط السياسي والأمني عليهم من قبل دول الجوار كي يستسلموا ويعودوا ليعيشوا تحت البسطار العسكري.

لقد أخطأ من نسب الفشل للثورة السورية، فهي لن تفشل، لكنها لم تحقق أهدافها كاملة بعد، ونظام الأسد لم يسقط أيضاً لكنه لم ينجح في وأد الثورة ويعيش في غرفة الإنعاش تحت رعاية وحماية دولية، سواء أكان دعماً مباشراً من قوى إقليمية كإيران، أو دولية كروسيا، بحيث سلبته الإرادة والقرار. أو تحت الحماية غير المباشرة من دول ادعت صداقتها للثورة والشعب السوري ثم خذلته فسكتت عن المجازر التي نفذها طيلة تلك السنوات، بل رمت له طوق النجاة في أكثر من مرة، وحين قررت التشدد في العقوبة وبخته بشدة، كمن يضرب طفل صغير على مؤخرته ضربات خفيفة للتأديب.

لقد حققت الثورة السورية عدة أشياء، فهي أعادت الحركة للسوريين، وأصبح الجميع يتكلم بالسياسة بعد أن كانت ممنوعة وتودي بصاحبها موارد التهلكة، وبعد أن كانت السياسة نجاسة وعملاً قذراً، ورقص على الحبال والكذب، وستؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى تطوير المجتمع السوري.

كشفت الثورة السورية حقيقة ادعاءات الغرب بحماية حقوق الإنسان والسعي لنشر الديمقراطية كما كانت الذريعة في احتلال العراق الذي تحول إلى بلد يقتتل أهله على أسس طائفية قومية.

هدمت الثورة السورية القدسية والهالة الإلهية التي أحاط آل الأسد أنفسهم بها، وفككت منظومتهم الأمنية التي أصبحت تابعة لهذا المحور أو ذاك، وتسببت باقتتال داخلي بين أفرقاء النظام أنفسهم، بينما لم يقتتل الثوار بين بعضهم، إنما اقتتلت الفصائل المتأسلمة الساعية إلى إحلال نفسها كسلطة إلهية مكان سلطة الأسد، واقتتلت المعارضة اللاهثة وراء الخارج من أجل تحقيق تغيير يطيح بالنظام ويأتي بها بديلاً عنه.

إن المعادلة التي لم تفهمها قوى المعارضة الساعية وراء الاستقواء بالخارج، أن الخارج له مصالح، وأن نظام الأسد يحقق له هذه المصالح منذ زمن بعيد، وقد وصل به الأمر ليكون ألعوبة بيد ضابط في جيش بوتين، حين أراد اللحاق بالرئيس الروسي، فأمسكه هذا الضابط من يده ومنعه من مرافقة الرئيس الضيف على بلده، أي أنه لا يمون على مرافقة رئيس ضيف عليه، ونذكر جميعاً كيف تم استدعاؤه ليشحن في طائرة شحن كأي متاع أو حيوان، وقابل الرئيس الروسي دون أي مراسم أو مرافقة من وفد أو أي نوع من أنواع الاحترام، ليتلقى التعليمات ويعود. نفس الأمر ينسحب على العلاقة مع الكيان الصهيوني العدو، فقد باع والده الجولان حين كان وزيرا للدفاع فتمت مكافأته وعين رئيساً للجمهورية السورية، وحافظ بعدها على حدوده آمنة مطمئنة، وقتل المقاومة الوطنية اللبنانية والفلسطينيين وهجرهم من لبنان، وعين حزباً طائفياً له دور وظيفي كحارس للحدود يمنع الجيش اللبناني من الاقتراب وحماية حدود بلده، ويحتكر القوة المسلحة بحيث أصبح دولة ضمن دولة بذريعة المقاومة، واليوم تسرح وتمرح الطائرات الصهيونية في الأجواء السورية، ونظام عصابة الأسد يحتفظ بحق الرد، أو يتحدث عن ماس كهربائي يضرب مستودعاته وقواه وقوى حلفائه الإيرانيين العسكرية.

إن اللهاث وراء الخارج أضر بالشعب السوري أيما إضرار، وسمح للقوى الخارجية أن تخترق الساحة السورية، وتحولها إلى ساحة تصفية حسابات إقليمية ودولية، وتجرب أسلحتها الجديدة باستعراضات عسكرية هدفها المزيد من مبيعات الأسلحة، وإنقاذ أنظمتها الاقتصادية التي تعتمد على سرقة شعوب العالم الثالث، وسمح لها بالتحكم في القوى المحسوبة على الثورة، وتوجيهها بما يخدم مصالحها وصراعاتها.

إن التجربة المؤلمة التي عاشها الشعب السوري خلال السنوات الماضية تتطلب منّا إعادة التفكير في دور الخارج، والاعتماد على أبناء الوطن السوري، وتنظيمهم في تجمعات سياسية حزبية وطنية، تتفق على برنامج سياسي واقعي مرن، وعلى قيادة مشتركة مجربة ونزيهة، تستفيد من قوة صمود الشعب السوري وتضحياته، وتناقضات مصالح الدول، لأجل تحقيق أهداف ثورته التي خرج بها.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل