ترمب الذي لن ينسحب

فراس علاوي10 يناير 2019آخر تحديث :
ترمب الذي لن ينسحب

ألقى ترمب حجراً في الماء الراكد، وحرك الركود السياسي والدبلوماسي القائم حول سوريا وكأنه دفع بكل التفاهمات السياسية إلى السطح وأخرجها إلى النور من الغرف المظلمة.

بدأت جميع القوى سباقاً محموماً لملء الفراغ الذي سيخلفه هذا الانسحاب لكن جميع تلك القوى تدرك أنها منفردة لن تستطيع ذلك مما أظهر للعلن جملة التحالفات، فسارع الروس والأتراك والإيرانيون ومن خلفهم قطر والعراق للتقارب وكل يمني النفس بتحقيق أهدافه والحصول على نصيبه من الكعكة السورية.

فيما سارعت القوى الأخرى للتقارب مع نظام الأسد محاولة نزعه من الحضن الإيراني؛ فتتالى الحراك الدبلوماسي باتجاه دمشق التي خرجت من عزلتها وبدأت تعزف لحن الانتصار..

تغريدة ترمب التي أطلقها أعادت رسم التحالفات والاستراتيجيات ونفخت فيها الروح مما أظهر إمساك الأمريكان بخيوط اللعبة؛ وهو ما جعل رجال الدبلوماسية الأمريكية يطيرون إلى عواصم تلك القوى لإظهار حقيقة ما حدث.

ترمب الذي لن يقبل بأن يقال عنه أنه انهزم في سوريا ترك الباب موارباً لجميع الاحتمالات مما أربك حسابات الجميع
وجعل جميع القوى تبحث عن الخطط البديلة والتكتيكية التي تحقق مصالحها.

سوريا وبعد الاطمئنان للموقف الروسي من التواجد على الحدود مع “إسرائيل” سواء كان لحزب الله او إيران لم تعد من أولويات الولايات المتحدة التي تبني استراتيجيتها الحالية في الشرق الأوسط على ثلاث ركائز أساسية: أمن إسرائيل، محاربة إيران، والنفط ثم النفط.

لذلك فقد بنى ترمب قراره بالإنسحاب على معرفته بإمكانية إنهاء داعش شرقي سوريا على الحدود العراقية السورية قبيل تحقيق إعادة التموضع الأمريكي وليس الانسحاب. فقتال داعش ومحاربة إيران ستبدأ من غرب العراق والذي كان بوابة دخول كلا الطرفين إلى سوريا. لذلك فغرب العراق ستكون نقطة البداية في هزيمة المشروعين الإيراني والداعشي ترتكز على التواجد الأمريكي في العراق وقطع الطريق على عودة تنظيم داعش إلى سوريا وبذات الوقت قطع الكوريدور الذي تعمل إيران على تأمينه عبر طريق يصل بغداد بدمشق فبيروت.

إن إعادة التموضع التي تعمل عليها الإدارة الأمريكية ترتكز على تواجد أمريكي على الحدود العراقية السورية في محاولة لعزل الجانبين وقطع صلات التواصل وهو مايفسر التواجد الأمريكي -القوات التي بدأت بترك مواقعها في سوريا- في إقليم كردستان وفي مناطق غرب العراق.

الاستراتيجية الأمريكية القائمة على حرمان إيران من مكتسباتها في سوريا والضغط عليها في العراق ستتخذ من غرب العراق قاعدة لها وبذات الوقت تعتبر شرق سوريا عمقاً استراتيجياً وجيو-سياسي لقواتها المتواجدة في المنطقة السنية المعادية لإيران في العراق مماقد يفسر عمل ما على مدينة البوكمال السورية في المدى المنظور في حال فشل الروس ونظام الأسد عبر الرسائل العربية من إبعاد إيران عنها.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل