وليد أبو همام – حرية برس:
تقع مدينة قمحانة شمال محافظة حماة، وتبعد عنها حوالي 12 كم، وتعد البوابة الشمالية للمحافظة وتطل على الطريق الدولي بين حلب وحماة.
ومنذ بداية الثورة السورية لم يقتصر دور مدينة قمحانة على الوقوف موقفاً سلبياً تجاه الثورة بل شاركت وبكل قوة في قمع الشعب مع نظام الأسد وقواته وساهم أبناءها بقتل الكثير من أبناء الشعب السوري.
ورغم أن معظم سكان هذه المدينة هم من الطائفة السنّية، إلا أن ذلك لم يمنعهم من مساندة نظام الأسد والدفاع عنه بشراسة تخطت الحدود، وخاصةً عند اقتراب الثوار من مدينة حماة في معاركهم الأخيرة.
حيث تمّكن نظام الأسد من تجنيد أبناء المدينة إلا من قرر الوقوف مع الثورة فأختار الخروج منها، وبدعم قوي من ضابط النظام ’’سهيل الحسن‘‘ حصلوا على كميات كبيرة من الأسلحة المختلفة فأصبحت قمحانة سداً منيعاً لخاصرة حماة من الشمال.
وتعود شهرة قمحانة ما قبل الثورة إلى احتراف بعض الأشخاص لمهنة الشعوذة والدجل والتلاعب بعقول الناس من أجل تخليصهم ما استطاعوا من أموال.
ويقول ’’بسام‘‘ وهو من مدينة قمحانة، في حديثه لحرية برس، إنه لجأ إلى قرى إدلب بعد أن أدرك أن نظام الأسد سيضع كامل ثقله في هذه المدينة.
وبعد أن بدأت تتشكل لجان شعبية من أبناء المنطقة، بدأوا يشاركون في المعارك مع قوات النظام، موضحاً بسام، أن هذه المدينة كانت تعتبر منذ القديم مرتعاً لأصحاب النفوذ والسياح القادمين من دول الخليج وكل ذلك بسبب شهرة بعض الأشخاص الذين يستخدمون الدين وسيلة لجمع الأموال وكان من أبرز هؤلاء ’’الشيخ صطوف وأحمد وظافر والطياوي‘‘ وغيرهم الكثير ممن ورث هذه المهنة عن أبيه.
وأضاف بسام أن هؤلاء كانوا ممن يجيدون الكلام ولديهم قدرة كبيرة على الإقناع واستخدام كلمات توقع بضحاياهم ثم إنهم يستخدمون أجواء وطقوساً غريبة توحي للداخل عليهم بأنهم يمتلكون قدرات خارقة، وكان معظم زائريهم من النساء أو أصحاب الأموال أو بعض المسؤولين والخليجيين وكل منهم يبحث عن ضالته لدى هذا المشعوذ رغم يقين البعض أنه لا فائدة ترجى منه.
بدوره، أوضح ’’ماجد‘‘ وهو نازح من إحدى قرى ريف حماة الشرقي ويقيم حالياً في ريف حلب الغربي، ’’منذ حوالي عشرة سنوات استيقظت أختي من نومها ليلاً وهي تصرخ بصوت عالي والرعب يبدو على وجهها كانت تبلغ من العمر ثلاثة عشر سنة ورغم كل محاولاتنا لتهدئتها لكنها بقيت حتى الصباح تصرخ ولاندري ما حالها ثم قمنا بنقلها صباحاً إلى المشفى في حماة وبعدها هدأت أحوالها لكنها بعد ذلك بدأت حالها تسوء ورغم عرضها على الأطباء وكان الجميع يؤكد أن مرضها نفسي، فنصحنا أحدهم بأن شفاؤها لا يكون إلا على يد أحد المشايخ في قمحانة‘‘.
وأضاف ’’عند دخولنا إلى البيت كان كل شيء غريباً ويبعث على الخوف وكأننا دخلنا إلى مغارة، الدخان يملأ الغرفة وأشياء غريبة معلقة على الجدران، كان الشيخ أحمد يتمتم بكلمات ويغمض عينيه فشرحنا له القصة فأخرج أوراق وبدأ يكتب كلمات غير مفهومة ثم طلب من أختي أن تعلق هذا الحجاب برقبتها وطلب مبلغ عشرة آلاف ليرة، لم يتحسن وضعها بل زاد سوءاً، وحتى عندما عدنا إليه قال بأن الأمر يحتاج لوقت طويل وحتى لو كان الأمر يبدو لنا مجرد دجل وخداع إلا أن قناعة الكثير من الناس حولنا كانت أنهم قادرين على شفائها لذلك كانوا يلوموننا إذا رفضنا الذهاب إلى هؤلاء المشعوذين‘‘.
ولم تقتصر زيارة هؤلاء الدجالين على الناس البسطاء بل كان أكثر مرتاديهم من أصحاب الأموال الذين يبحثون حسب زعمهم عن وصفات لراحة البال ولا يهمهم المبالغ التي يدفعونها وكثير من أصحاب السلطة الذين يبحثون عن طرق للبقاء في مناصبهم أو ترقيتهم لذلك كان لهؤلاء حظوة كبيرة لدى المسؤولين وطلباتهم مجابة.
أما أعمالهم فلم تتوقف عند الأمور الإيجابية كشفاء المرضى أو التوفيق بين الأزواج بل تجاوزوا ذلك إلى الأعمال المضرة كالتفريق بين الأزواج أو إيقاع الضرر في أحد الأشخاص ولم يكن لهم من رادع طالما أن الغاية هي الحصول على المال.
ولا يمكن القول بأن مدينة قمحانة هي الوحيدة التي وقفت ضد الثورة بأغلبية سنية، ولكن يبدو أن شهرتها السيئة بأعمال الشعوذة والدجل أثرت على عقول سكانها أو أن مشعوذيها مارسوا سحرهم على كامل المدينة.
عذراً التعليقات مغلقة