تغيب قضية الأحواز عن التداول الإعلامي والسياسي، خلال الأشهر القليلة الماضية، فأبناء الإقليم العربي في إيران، ينشطون بشكل لافت على المستوى السياسي والإعلامي والميداني، معيدين قضيتهم المنسية إلى الواجهة مجدداً.
ويصل حديث الأحوازيين العلني اليوم حد المطالبة بتحقيق الحلم بدولة مستقلة عن إيران.
وعلى الصعيد السياسي والإعلامي، سلط المؤتمر السنوي لحركة النضال العربي لتحرير الأحواز، الذي عقد في الدنمارك على مدى اليومين الماضيين، الأضواء على قضية عرب إيران بشكل لافت؛ بسبب الحضور الكبير من قبل أنصار القضية الأحوازية من أبنائها أو من المتضامنين والمؤيدين لمطالبهم من مختلف الدول.
ووسط متابعة لافتة للمؤتمر، وإجراءات أمنية مكثفة فرضتها السلطات الدنماركية، لضمان أمن المشاركين من محاولات استهداف إيرانية لهم، أعلن رئيس حركة النضال الأحوازي، حبيب جبر، انطلاق المؤتمر، في خطوة تشكل تحديًا لطهران وانتصارًاً للحركة ونشاطها.
وجاء انعقاد المؤتمر، بعد أقل من شهر على إحباط السلطات الدنماركية محاولة اغتيال لحبيب جبر وقياديين أحوازيين آخرين، تقف خلفها إيران، وتسببت باستدعاء وزارة الخارجية الدنماركية لسفيرها في طهران احتجاجًا على محاولة تنفيذ عملية اغتيال وصل الغضب منها إلى دول أوروبية أخرى.
وأمام سياسيين وحقوقيين عرب وأجانب من 20 دولة، قال الإعلامي والمحلل السياسي الجزائري، أنور مالك، في كلمة له بالمؤتمر، إن “المجتمعين ليسوا بصدد تبادل عبارات عاطفية عن قضية الأحواز، وأن الضعف والهوان الذي يعيشه نظام الحكم في إيران يستوجب استغلاله لصالح القضية الأحوازية”، على حد تعبيره.
وكان مالك يحضر المؤتمر برفقة حقوقيين وسياسيين وإعلاميين من مختلف الدول العربية، في مؤشر على الزخم الذي تتمتع به مطالب الأحوازيين وحراكهم السياسي والإعلامي الذي لا يكاد يتوقف في الأشهر القليلة الماضية.
ويقول القائمون على المؤتمر، إنه “يستهدف تعريف الرأي العام الدنماركي والأوروبي على إرهاب النظام الإيراني، وأن إيران تمارس إرهاب الدولة ضد القوميات فيها، وهو ما وصل الآن إلى أوروبا”، على حد وصفه.
وأقيم المؤتمر في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن بالتزامن مع مؤتمر مماثل مصغر عقد في لندن، تحت شعار “سبل مواجهة إرهاب الدولة الإيرانية العابر للحدود”، دعا المشاركون فيه البلدان الغربية والإقليمية إلى دعم المقاطعة التي تفرضها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على نظام طهران.
فرصة لتحقيق مكاسب
وثمة إجماع واسع لدى الأحوازيين، يشاطرهم فيه سياسيون وإعلاميون عرب مهتمون بالقضية الأحوازية، أن الفترة الراهنة “تمثل فرصة لتحقيق مكاسب في القضية الأحوازية على حساب نظام طهران، الذي يئن تحت العقوبات الاقتصادية الأمريكية التي ما زالت تداعياتها في بداياتها”.
ويمتد ذلك الإجماع فيما يبدو، ليشمل دولاً عربية وخليجية لا تخفي دعمها للقضية الأحوازية، وترى في ذلك خطوة لنقل المعركة إلى الداخل الإيراني كرد على دور إيران العسكري عبر ميلشياتها المسلحة في العراق وسوريا واليمن ولبنان.
احتجاجات عمالية
ولا يقتصر حراك الأحوازيين على الجانب السياسي والإعلامي فقط، فالاحتجاجات العمالية في الأحواز دخلت أسبوعها الثالث، إذ يطالب المحتجون بـ”دفع رواتبهم المتأخرة، وتحسين أوضاعهم المعيشية، ومحاسبة المسؤولين ومحاربة الفساد الاقتصادي الذي ينخر في مؤسسات النظام الإيراني”.
ويضاف إلى كل ذلك الحراك، هجوم أيلول/ سبتمبر الماضي، عدما فتح 4 مهاجمين النار على مشاركين في عرض عسكري واحتفال، مخلفين عشرات القتلى والجرحى، في حادث أغضب طهران، ووضع اسم الأحواز وسكانها العرب في صدارة التحليلات السياسية والتقارير الصحافية الغربية عن دوافع الهجوم.
ويقول مراقبون، إن “الهجوم على الرغم من الشكوك في صلة الحرس الثوري الإيراني بتدبيره، لتشتيت الإيرانيين عن الواقع الاقتصادي المزري للبلاد، وانهيار عملتها أمام الدولار، إلا أنه طرح سؤالاً عالمياً عن مشروعية حكم إيران لهذه المنطقة التي لا يتوقف أبناؤها عن مناهضة نظام الحكم الإيراني”.
وترتفع الأصوات في الدول العربية لصالح دعم قضية الأحواز وسط توقعات بأن تلقى تلك الدعوات استجابات رسمية من دول عربية تبدو مستعدة لذلك، مستندة لعدة متغيرات دولية تضغط جميعها على طهران.
ومنذ أواخر العام الماضي، تشهد إيران عدداً من الاضرابات والاحتجاجات على سوء ظروف العمل، وتأخر الرواتب، وتردي الأوضاع المعيشية في عدد من قطاعات الاقتصاد، بما في ذلك الصلب والتعليم والتعدين والنقل.
كما أن طهران بدأت تلمس تداعيات فرض الولايات المتحدة عقوبات عليها، إذ أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أيار/ مايو الماضي، انسحاب بلاده من الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015، وفرضت واشنطن أكثر من حزمة عقوبات على طهران، آخرها في وقت سابق من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، واستهدفت قطاع النفط الحيوي في البلاد.
استقلال الأحواز
وقال الإعلامي اللبناني جيري ماهر، بالتزامن مع مؤتمر الدنمارك: “قريباً جداً سيعلن أهل الأحواز العربي استقلالهم عن نظام الملالي، وستكون الأحواز عضوًا في الجامعة العربية وستنطلق منها المقاومة التي ستحرر باقي إيران من نظام ولاية الفقيه؛ لتكون ثورتهم شرارة الخلاص من ميليشيات إيران وبقاياها”.
ويرى مراقبون للشأن الإيراني، أن “القضية الأحوازية تحظى اليوم بدعم سياسي ومادي وإعلامي ودولي لم تنله من قبل، وأن طهران التي كانت تحارب مجرد نقل أخبار الإقليم العربي لخارج الحدود، تجد نفسها اليوم في موقف ضعيف، بدت فيه في هجوم أيلول/ سبتمبر الماضي، قوة محتلة تواجه مقاومة السكان المحليين”.
ويشكك كثير من المتابعين للشأن الإيراني، بصورة الدولة القوية التي تروجها إيران عن نفسها، كبلد متجانس عرقياً ومذهبياً، مستندين لأرقام تثبت أن المجتمع الإيراني متنوع، تشكل الأقليات العرقية غير الفارسية فيه بين 40-50% من سكان الدولة، وتتنوع هذه الأقليات بين الأذريين الناطقين بالتركية، إلى الأكراد والعرب والبلوش والأرمن والتركمان واللور.
ويحضر التفاؤل في خطاب نخب الأحواز السياسية والثقافية وإعلامييه ومدونيه، على أمل أن يكون الحلم بدولة مستقلة أو بإقليم يتمتع بإدارة ذاتية، قريبًا من التحقق، فيما يذهب بعضهم لأبعد من ذلك، ويتحدث عن تنمية الأحواز والاستفادة من ثرواتها المتنوعة بعد عقود من الإهمال الإيراني الذي يحكم الإقليم منذ العام 1925 بعد إسقاط الحكم العربي عنه.
- المصدر: إرم نيوز
عذراً التعليقات مغلقة