حنين السيد – إدلب – حرية برس:
هجر نظام الأسد أهالي مدن وبلدات بأكملها إلى مناطق الشمال السوري، بعد أن فرض عليهم حصار خانق وقصف عنيف وشرس، حيث توجه غالبية المهجرين إلى محافظة إدلب شمالي سوريا، تاركين خلفهم أرضهم وبيوتهم وأفراد من عوائلهم، لكن قسوة التهجير لم تنته عند وصولهم بل اكتملت اليوم في حياة الكثيرين منهم عندما بات الوصول إلى أقاربهم والتواصل معهم شبه مستحيل.
’’أميرة يونس‘‘ إحدى المهجرات من ريف دمشق في منطقة وادي بردى تركت خلفها أب وأم وأخ تحت الثرى وأخوين في مناطق سيطرة نظام الأسد وجاءت إدلب وحدها، تروي بحديثها لحرية برس عن معانتها قائلة: ’’تزوجت منذ إحدى عشر عاماً ولم أرزق بولد فظننت أن أسرتي ستعوضني ذلك الفقد إلا أن نظام الأسد حرمني حتى من ذلك فقتل قسم واحتفظ بآخر إلا أنني لا أحسبهم اليوم إلا ميتين جميعاً‘‘.
وأضافت ’’يونس‘‘ خلال حديثها، ’’لا يمكنني العودة إلى بلدتي أبداً ولا أعرف شيء عن أخوتي الذين مازالوا على قيد الحياة بعد أن ضيق نظام الأسد الخناق على كل من له أقارب في الشمال السوري، فحرمهم حتى من التواصل معهم عبر الإنترنت، وقد دفع الكثيرين ثمن تواصلهم مع أفراد أسرهم فقام باعتقال الكثيرين ممن أعرفهم لمجرد محادثة على (الوتسأب) لا أكثر‘‘.
ولم تكن الضغوطات النفسية والشوق للأهل والوطن وحدها المعوق أمام ’’أميرة‘‘ إنما أزمات السكن والعمل وعدم توفر المال اجتمعت كلها لتزيد حالتها سوء، إلا أنها تحدت الصعاب كلها وواجهتها بعزم المرأة السورية القادرة على الحياة رغم الظلم والمعاناة، حيث لجأت لتعلم الحياكة ضمن ورشة تضم عدد من النساء في مدينة معرة النعمان جنوب إدلب.
ونوّهت من خلال حديثها إلى أنها تعمل جاهدة لتأمين مستلزمات حياتها بمفردها دون الحاجة إلى أحد مثبتةً أنها قادرة على متابعة حياتها ولن يثنيها إجرام نظام الأسد على التذمر والإحباط، رافضةً الرضوخ إلى قوانينه مهما كلفها الأمر وأنها تسعى لتطوير عملها في خياطة الملابس، متأملةً أن يأتي يوما وتنتهي ‘‘الحرب’’، حسب وصفها، وتعود إلى مدينتها وتلتقي بمن تبقى من أهلها.
ويستمر نظام الأسد بممارسة القهر والضغوطات على العائلات المهجّرة إلى الشمال السوري، فيما يقوم النظام عبر الترويج وبث الشائعات، بالتجهيز لقافلة عكسية من مناطق محررة في الشمال السوري إلى الغوطة الشرقية بريف دمشق تحت مسمى ’’قافلة الندم‘‘، حسب مصدر من مناطق نظام الأسد.
ويصل عدد السوريين الذين نزحوا داخل سوريا نتيجة عمليات التهجير التي نفذها نظام الأسد وحلفاءه، إلى 6.2 مليون في حين يعيش 5.6 مليون لاجئ في الدول المجاورة، حسب إحصائيات الأمم المتحدة.
عذراً التعليقات مغلقة