نظام الأسد عبارة عن خليط متجانس من عديمي الإنسانية وفاقدي الضمير ومحترفين بشتى أنواع الجرائم، وخاصة أولئك الذين ترعرعوا على يد معلمهم حافظ الأسد الذي استطاع تأسيس نظام قمعي ليس له مثيل في كل دول العالم وكرّس كل إمكانيات الدولة وقدراتها المادية والبشرية لتكون حصناً له ولأسرته.
إن كمية الجشع وحب التسلط التي تبين لاحقاً أن حافظ الأسد يمتلكها دفعته ليحيط نفسه برجال تنقصهم كل مواصفات الرجولة حتى وصل بهم الحال إلى أن يكونوا عبيداً مهمتهم تنفيذ أوامر الحاكم دون التفكير بنتائجها.
وربما تكمن قوة نظام الأسد القمعية في أنه لم يضع ثقته الكاملة في أي من رجالاته ولا حتى الدائرة الضيقة منه، واعتمد على مبدأ التشكيك فيهم وتخويفهم من بعضهم ووضع العيون عليهم، حتى أصبح نظامه عبارة عن سلسلة مترابطة تنتهي إلى رأس الهرم الذي يمسك بكل مفاصل البلاد دون أن يسمح لأي منهم التصرف بشكل منفرد ودون علمه، وحتى أكثر المقربين منه لم يكن له أي فرصة في الإستقلال بالرأي أو التصرف بما فيهم شقيقه رفعت الذي كان من أبرز الرجالات العسكريين وخاصة في أحداث حماة، إلا أنه بوجود حافظ لا يمكن أن يكون هناك أكثر من رأس للسلطة، وهذا ما بينه حافظ الأسد لكل العالم عند استلامه مقاليد الحكم في سورية فكانت أولى أعماله التخلص ممن ساعدوه في الوصول إلى الحكم ليبقى في السلطة دون منازع.
وكما بدأ الأسد الأب حكمه مهد الطريق لولده بذات الأسلوب عبر إقصاء البعض رجاله ممن كان يشك في قدرتهم على الحكم أو التأثير فيه وخاصة أن ولده لم يكن جاهزاً لاستلام السلطة.
بات معروفاً لدى للجميع أن معايير اختيار أركان النظام السوري تبدأ بالمعيار الطائفي ممن هم من الطائفة العلوية ثم أصحاب الولاء المطلق للنظام ثم من ينتمي إلى الطوائف الأقلية. ولكن يبدو أن كمية الولاء للقائد هي من تحدد مدى قربه منه ومركزه في الدولة، ولذلك كان الولاء يقاس بطريقة التفكير فكلما كان تفكير هذا الشخص بكيفية إرضاء سيده أكبر صار مقرباً أكثر، أما من يحاول التفكير بشكل مستقل وبعيداً عن الخطوط المرسومة له فسرعان ما ينتهي أمره بالطرق التي يتبعها النظام في إنهاء مواليه.
ما يختلف به حكما الأسد الأب والإبن هو أن حافظ الأسد كان يعتمد على قلة قليلة من الرجال الموثوقين والذين لهم ثقل كبير ويتمتعون بولاء للقائد فقط وللقانون الدور الأكبر في ضبط الدولة والاعتماد عليه في الزج في السجون أو الإعدامات الجماعية، أما في عهد الأسد الإبن فقد سلم أمور السلطة لأشخاص سواء من أقربائه أو من طائفته إلا أنهم كانوا يعتبرون أنفسهم بمنزلة صاحب القرار ولذلك تحولت سورية إلى مزرعة تديرها مجموعة من العصابات وبات كل قريب له أو مسؤول يمتلك ميليشيا عسكرية تتمتع باستقلال عن الدولة، وأصبح معيار اختيار رجالات النظام هو تاريخهم الإجرامي، ولذلك فإن كل رموز النظام سواء من تمت تصفيته أو ما زال على رأس عمله فإنه مسؤول عن قتل السوريين، ورغم كل المطالب التي تطلقها المنظمات الحقوقية والعقوبات العقيمة التي تفرضها بعض الدول على هؤلاء القتلة إلا أن ذلك لم يردع أي منهم عن إجرامه.
قد تكون الفائدة من تحويل هؤلاء لرؤساء عصابات كبيرة بالنسبة لنظام الأسد، فقد استطاع تحقيق أهدافه في قتل المعارضين وإخماد الثورة ثم رمي المسؤولية على غير رأس النظام والبدء بتصفيتهم حتى يقطع سلسلة الإجرام التي توصل إليه ومن بقي منهم ربما يقدمه للمحاكم الدولية على أنه هو المسؤول عن كل ما حصل في سورية.
Sorry Comments are closed