كم من حبيب لم يكمل مشواره مع حبيبته، وتفرقا في منتصف الطريق، وبدل أن يكملا مسيرة حياتهما معاً في تكوين أسرة وعائلة واحدة، سار كل واحد منهما في طريقه بعيداً عن الآخر، كل ذلك بسبب أن فترة الخطوبة أغرقت بالتفاصيل والتفاصيل.
بدل أن تكون البقرة وسيلة للتقرب إلى الله لدى بني إسرائيل، تحولت إلى بعد عن الله ومعصية بعد أن حملوا البقرة تفاصيلاً وتفاصيل.
ثورتنا اليوم ليست ببعيدة عن بقرة بني إسرائيل، لقد حاول أعداء الثورة ومنذ بدايتها، الالتفاف عليها من خلال إغراقها بتفاصيل لا ناقة لها بها ولا جمل، وساعد البعض من داخل الثورة على ذلك، سواء بقصد أو بدون قصد.
قد يقول أحدهم إن من حق اليهود أن يعرفوا تفاصيل البقرة التي ستذبح تقرباً الى الله. والرد بكل بساطة: ما دامت البقرة ستذبح ماذا سنستفيد من لونها وشكلها وكل تفاصيل جمالها؟
ماذا ستستفيد ثورتنا من التفاصيل مهما كان ظاهرها نبيلاً ما دامت عائلة الأسد موجودة في السلطة؟ بينما لو سقط آل الأسد ونظامهم فكل التفاصيل ستتحق كنتيجة حتمية لذلك ولو بوقت لاحق.
الأوضاع اليوم في الشمال المحرر فرصة ذهبية للأحرار المخلصين لكي يزيحوا عن كاهل الثورة كل ما تم تحميلها إياه من تفاصيل ترهق كاهلها، والعودة إلى طريق الثورة العريض؛ ثورة وليست معارضة لإسقاط نظام الأسد.
بعيداً عن أزقة المنافقين الضيقة، وبعيداً عن الشوارع الملتوية لأصحاب الشعارات البراقة الكاذبة. علينا اليوم أن نرمم كل الفواصل التي أحدثتها تلك التفاصيل فيما بيننا، وأن نكون سباقين لذلك وبلا أي تهاون بالوقت، وليعلم الجميع أن هناك معركة خفية في الشمال المحرر؛ فالنظام و عملائه سيحاولون من جانبهم توسعة تلك الفواصل لتمزيق النسيج الثوري في إدلب، والمعركة اليوم مستمرة بدون بارود، وهي الفاصلة، والزمن لن يكون في صالح أي تراخٍ أو تقاعس عن ذلك.
Sorry Comments are closed