موسم حصاد السياسات الإيرانية

مالك الخولي3 أكتوبر 2018آخر تحديث :
موسم حصاد السياسات الإيرانية

يضيق الخناق حول عنق طهران تحت وقع ضغوط دولية وإقليمية متزايدة، وأخرى داخلية تتصاعد طرداً مع هبوط العملة المحلية إلى مستوى غير مسبوق وتدهور الأوضاع الاقتصادية التي هي أساساً في الحضيض، بالإضافة إلى الفضيحة الأمنية التي خلفها هجوم الأحواز في 22 سبتمبر الفائت.

ويبدو أن إيران خسرت أشد المدافعين عنها ضد العقوبات الأميركية بعدما اتهمت فرنسا الثلاثاء المخابرات الإيرانية بالتخطيط لهجوم على أراضيها، وهو ما استدعي رداً سريعاً من باريس حيث جمدت أصولاً تتبع لمخابرات إيران وداهمت مقر جمعية شيعية في منطقة غراند سانت في عملية قالت السلطات إنها “في إطار التصدي للإرهاب”.

وسرعان ما غيرت باريس لهجتها حيث قالت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي إن برنامج إيران للصواريخ البالستية يمثل تهديداً، وعبرت عن قلق بلادها من النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، وهو ما يوافق مواقف الولايات المتحدة و”إسرائيل” ودول خليجية.

وأول أمس كشفت وثائق ضلوع إيران في تفجير طائرة الركاب الأميركية فوق اسكتلندا عام 1988 المعروفة باسم “حادثة لوكربي” وبأمر مباشر من المرشد الأعلى السابق آية الله علي خامنئي.

في سوريا يبدو أن الحليف الروسي متجه للتخلي عن إيران في نهاية المطاف، مع إدراكه مدى صعوبة قطف ثمار تدخله العسكري وفق ما يشتهي، سيما مع تكثيف الولايات المتحدة حضورها الدبلوماسي وربط بقاء قواتها في شرقي البلاد بجلاء المليشيات الإيرانية.

المجموعة المصغرة بشأن سوريا التي تقودها واشنطن أكدت عزمها على “التوصل إلى حل سياسي يفضي إلى سوريا جديدة آمنة مستقرة، بلا ارتباطات مع النظام الإيراني أو ميليشياته، لا ترعى الإرهاب، لا تهدد جيرانها، خالية من أسلحة الدمار الشامل، تُهيئ الظروف للعودة الكريمة والطوعية والآمنة اللاجئين والنازحين، تحترم حقوق الإنسان، وتتعاون مع المجتمع الدولي لمحاسبة أولئك الذين ارتكبوا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية‘‘.

ومع تجميد الأجواء السورية أمام “إسرائيل” -تقييد التحركات الإسرائيلية بمعنى أدق- بعد نشر روسيا منظومة “إس300″، يبدو لبنان ساحة مواجهة مقبلة بين إيران و”إسرائيل” وهو طرح تعززه تصريحات نتنياهو الأخيرة. بينما يبدو العراق غير مستعد بعد للتخلص من الهيمنة الإيرانية.

تنزع إيران إلى التمسك برهانها في التوسع الخارجي على حساب التنمية الداخلية، والاستمرار بمحاولة صرف أنظار الشعب نحو انتصارات خارجية، وهو ما يشير إليه ردها المتخبط على عملية الأحواز التي تعد فضيحة للحرس الثوري، وهي إذ تحاول إيصال رسائل بأنها قادرة على استهداف مصالح وحلفاء الولايات المتحدة، إلا أنه لن يكون بمقدورها تحمل تكاليف في بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء، سيما مع تقييد إنتاجها النفطي واحتمال فرض عقوبات اقتصادية أقسى وأشمل.

كيف ستواجه إيران كل تلك التحديات؟ هل تواصل نهجها الحالي وتدفع نحو التصعيد أم تخضع لغطرسة ترامب في نهاية المطاف؟ لا يبدو أن ثمة مواجهة شاملة مع “إسرائيل” وأميركا حيث أن أياً الأطراف غير مستعد لتحمل تبعاته، لكن على إيران أن تستعد لمزيد من التضييق والعزلة والهزائم كثمن لطموحاتها التوسعية غير محسوبة النتائج.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل