ياسر محمد – حرية برس
بدأت دول عربية وفصائل جهادية تبدي ردود أفعال ومواقف تؤجج شرارة الحرب بإدلب، بعدما أخمدها اتفاق سوتشي بين تركيا وروسيا الذي جنّب المنطقة معركة واسعة ولقي قبولاً واسعاً جداً في أوساط السكان وفصائل المعارضة المعتدلة محلياً، والولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية والفاعلة في الملف السوري دولياً.
فكما كان متوقعاً؛ أصدر فصيل “حراس الدين” المتشدد والذي ينشط في محافظة إدلب، بياناً أول من أمس السبت، رفض فيه اتفاق سوتشي رفضاً قاطعاً، داعياً أنصاره و”الجهاديين” إلى شن هجمات على كل الأطراف التي نعتها بـ”الكفر”.
وقال بيان “حراس الدين” إنهم يعتبرون الاتفاق “تآمراً من قوى الشر والكفر العالمي للقضاء على المشروع الجهادي”.
وأضاف البيان: “إننا ننصح إخواننا المجاهدين في هذه المرحلة الحاسمة والخطيرة بالعودة الى الله ومحاسبة النفس والتوبة الصادقة، ثم إعادة ترتيب ما تبقى من قوة وإمكانيات والتعاون على البر والتقوى والبدء بعملية عسكرية على أعداء الدين بما يفسد مخططاتهم ويرد كيدهم في نحرهم، فالمجاهدون ماضون في دربهم لن يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم”.
وتشكلت جماعة “حراس الدين” في وقت سابق هذا العام من مقاتلين انفصلوا عن “تحرير الشام” و”جبهة النصرة” بعدما قطعت علاقاتها بتنظيم القاعدة، وبقايا “جند الأقصى”، وتضم مقاتلين أجانب.
وعلى إثر البيان، اغتيل في بلدة كنصفرة في جبل الزاوية، القائد العسكري للجماعة الشهير بـ”السياف”، ولم يُعرف بعد من يقف وراء الحادثة.
وتترقب الأوساط المحلية في إدلب بقلق إعلان “هيئة تحرير الشام” موقفها من اتفاق سوتشي، حيث ما زالت الهيئة تلتزم الصمت رسمياً، على الرغم من أن بعض عناصرها جاهروا برفض الاتفاق وأحرقوا الأعلام التركية وتعرضوا للمتظاهرين المؤيدين لتركيا بالمضايقات والاعتقالات، إلا أن اجتماعاً ضم زعيم الهيئة “أبو محمد الجولاني” مع قائد “أحرار الشام” جابر علي باشا، أمس، جعل البعض يستبشرون بحل سلمي يجنّب المحافظة ويلات الاقتتال أو الحرب التي لا بد منها في حال إعلان “تحرير الشام” رفض الاتفاق ومخرجاته، علماً أنه لم تصدر تصريحات عن الجانبين بعد اللقاء سوى أنهما اتفقا على التنسيق بينهما ونبذ الخلافات.
وفي موقف غير رسمي، رفض القيادي المصري في الهيئة “أبو اليقظان” في تسجيل بثه على قناته على “تلغرام” الانسحاب من المنطقة العازلة، معتبراً أن ذلك يعني “التراجع إلى مدينة خان شيخون جنوباً، وإلى سراقب من الجهة الشرقية وجسر الشغور غرباً”. وأوضح أن خطوط التماس مع النظام تنتهي بإنشاء المنطقة العازلة، وبالتالي “إنهاء الجهاد”، وقال: “هذا لن يكون، ودونه ضرب الرقاب”.
في السياق نفسه، وعلى الصعيد العربي، أعطى تصريح لوزير الخارجية المصري، إشارات سلبية لسكان إدلب، إذ إن التصور الذي طرحه للحل يقتضي حرباً بالضرورة.
وقال سامح شكري، في لقاء جمعه بالمبعوث الدولي إلى سوريا، ستافان دي مستورا، أول من أمس السبت، إنه لا ينبغي السماح بممر آمن لـ”الإرهابيين” للخروج إلى مناطق أو دول أخرى، ما يعني بالضرورة القضاء عليهم في إدلب، وهو ما يستوجب معركة يستهدف من خلالها النظام وحلفاؤه المدنيين والمرافق الخدمية بذريعة “محاربة الإرهاب” كما حصل في السيناريوهات السابقة جميعها، ولم يقدم الوزير المصري خطة بديلة عن الحرب أو آليات لإخراج “الإرهابيين”، علماً أن أحد السيناريوهات المطروحة هو إعادة هؤلاء “الجهاديين” إلى بلدانهم أو بلدان أخرى تقبل بهم لمحاكمتهم، لأن فكرة القضاء عليهم في إدلب ستكون مكلفة للغاية وتستهدف المدنيين بالدرجة الأولى تحت ستار “مكافحة الإرهاب”، وتقول مصادر سياسية إن مصر تخشى انتقال هؤلاء “الجهاديين” إلى سيناء، وهو ما أشار إليه وحذر منه باحثون في مركز الأهرامات للدراسات والبحوث قبل أيام.
وإلى جانب الوزير المصري، اجتمع وزراء خارجية الأردن والإمارات والبحرين والسعودية، أمس الأحد، مع دي مستورا، وناقشوا اتفاق سوتشي، من دون إعطاء أي تفاصيل عن فحوى اللقاء، إلا أن متابعين وسياسيين معارضين أبدوا خشيتهم من تبني الدول الأربع الموقف المصري، نكاية بالدور التركي المتنامي في سوريا، وغياب الدور العربي بشكل شبه كامل.
عذراً التعليقات مغلقة