فارس أبو شيحة – غزة – حرية برس:
تشهد أسواق الذهب في قطاع غزة إقبالاً ضعيفاً من قبل المواطنين على الشراء، نتيجة الوضع الاقتصادي السيئ وحصار الاحتلال الإسرائيلي المستمر الذي يعاني منه المجتمع الغزاويّ منذُ 12 عاماً، ليؤدي ذلك إلى إقبال العديد من العرائس المقبلين على الزواج إلى شراء ’’الإكسسوارات‘‘ أو ما يعرف بالذهب الصيني المنتشر داخل السوق المحلي بشكل كبير نظراً لقلةِ الثمن مقارناً بالذهب الأصلي.
وقال ’’غسان سكيك‘‘ أحد تجار المجوهرات في سوق الذهب والذي يعمل بصناعة الذهب منذ ثلاثون عاماً في حديثه لحرية برس، إن ’’البورصة العالمية والأوضاع السياسية والصراعات والحروب وأسعار النفط العالمية، تشكل عاملاً رئيسياً وراء غلاء أسعار الذهب وانخفاضها داخل السوق المحلي‘‘.
وأشار سكيك، إلى أنواع المجوهرات المنتشرة داخل الأسواق كالذهب الأجنبي المستورد والخليجي وأيضاً المحلي الذي يصنع داخل مدينة غزة وغيرها، أما عن عملية سباكة الذهب فيتم عن طريق تجميع الذهب مع بعضه البعض وتعرضهِ للانصهار بالنار مثل الحديد.
وأردف سكيك في حديثه ’’نقوم بتشكيل الموديلات الجديدة من الذهب بواسطة معدات حديثة ومتطورة وتتعرض قبل نشرها وبيعها في الأسواق المحلية للرقابة والدمغ من قبل وزارة التموين والجهات الحكومية بغزة‘‘.
ونوّه سكيك إلى إن ’’انتشار الذهب الصيني لم يؤثر على الذهب الأصلي وأنها ليست نظرية مقارنة بينها وإنما ضيق الحال والوضع الاقتصادي، جعل الكثير من الناس والعرائس المقبلين يلبسون الذهب الصيني في حفلة الزفاف، على الرغم من الحساسية والأورام المصاحبة عند لبس النساء الذهب الصيني مقارناً بالذهب الأصلي‘‘.
استبدال الذهب الأصلي بالصيني
من جانبها، تقول المواطنة الغزاوية ’’أم العبد‘‘ في حديثها لحرية برس، إن ’’مهر العروس قد لا يكفي لشراء بعض من الأساور والحلوق نظراً لارتفاع السعر للذهب، مقارنةً بالأعوام الماضية، حيث أننا كنا نشتري عدد من صيغ الذهب ويزيد من المهر، ونشتري به الملابس وحاجيات للعروس استعداداً للفرح‘‘.
وعللت أم العبد قائلة: ’’إن البعض من النساء نتيجة الوضع الإقتصادي السيئ ونقص في السيولة المالية لدى الناس، لجأ منهم لتزيين بناتهم بالذهب الصيني وإستبدال ذلك بالذهب الأصلي من أجل تيسير أمور الفرح بأي طريقة كانت، مقارنة بالأعوام الماضية التي كانت تخصص فقرة داخل الفرح لتزيين العروس الذهب الأصلي الذي كانوا يتفاخرن به‘‘.
بينما يقول التاجر ’’حمدي الأشقر‘‘ لحرية برس، ’’إن انخفاض أسعار الذهب جاء بصورة ملفتة وصادمة لعدد من التجار، وخاصةً أنه جاء بالتزامن مع ارتفاع أسعار الدولار، وخمول في تجارة الذهب لفترة طويلة لإحجام المواطنين عن الشراء‘‘.
وتوّقع الأشقر، أن انخفاض أسعار الذهب قد لا يطول لفترة طويلة، داعياً المواطنين لاستغلال حالة الانخفاض وشراء المستلزمات الضرورية وخاصة بالنسبة للمقبلين على الزواج وعدم الانتظار كما يروج عدد من التجار بالانتظار حتى ينخفض السعر لأكثر من ذلك.
وأوضح الأشقر، أن الانخفاض في سعر الذهب، أوصل سعر الجرام الواحد من عيار 21 إلي 24 دينار، في حين كان في السابق يصل 37.5 دينار للجرام أو 38 دينار.
الإقبال الضعيف والخسائر المادية
وفي سياق متصل، قال أمين سر نقابة مهنة الذهب بغزة، ’’إيهاب الشبراوي‘‘ في حديثه لحرية برس، إن ’’الأسواق داخل قطاع غزة تشهد الإقبال الضعيف من المواطنين على جميع الأصناف وعلى وجه الخصوص الذهب للبيع أو الشراء للذهب، نتيجة لتردي الوضع الإقتصادي الذي يعاني منه المواطن‘‘.
وقدّر الشبراوي نسبة الإقبال من قبل المواطنين بغزة على شراء الذهب 10% مقارنةً بالأعوام السابقة التي كانت تشهد تحسناً ملحوظاً على شراء والبيع، مضيفاً أن عدد من المواطنين يلجأون إليه لتأجير من الأساور والحلوق والخواتم لمدة 48 ساعة، ومن ثم عودة تلك المجوهرات لأصحابها بعد قضاء أفراح الآخرين ومناسباتهم.
ونوه التاجر إلى أنه طالما يعاني قطاع غزة من وضع إقتصادي متردي وسيئ، إلى جانب الإغلاق المتكرر للمعابر الحدودية، وتقيد حرية الحركة على التاجر الغزيّ، لن تحسن أسواق الذهب بغزة.
وعلق الشبراوي، على أسعار الذهب مقارنةً قبل عقد من الزمن، بأن سعر الذهب في القديم كان له قيمة، وأن ارتفاع سعره مرتبط بالأيدي العاملة التي تستخرجه من البلاد التي نستورد منها تكون تكلفتها عالية إلى جانب ارتباط ذلك بالسعر العالمي.
وبيّن الشبرواي، أن محلات الذهب ضعيفة من حيث الشراء أو البيع، حيث كان يبيع قبل أعوام بمعدل من 10 إلى 20 ألف دينار في اليوم الواحد، إلا أنه اليوم لا يستطيع بيع سوى 500 دينار من الذهب لمحلاته المنتشرة داخل الأسواق.
وأوضح بائع الذهب الشبراوي، أن عدد من التجار يقومون بتصدير الذهب إلى أسواق الضفة الغربية ويبلغ معدل التصدير للتاجر الواحد 2 كيلو جرام من الذهب، فيما يستورد عدد منهم الذهب من الكويت وغيرها.
وأشار الشبرواي إلى أن نحو 15% إلى 20% من تجار الذهب قد أقفلوا المحال التجارية نتيجة الوضع الإقتصادي السيئ، إلى جانب 30% من التجار يعانون من أوضاع مادية سيئة لضعف الإقبال والشراء على الذهب داخل الأسواق بغزة.
وتعتبر صناعة الذهب في غزة متأخرة مقارنة بمدينة الخليل التي تصنع 65% من الذهب الفلسطيني ويأتي ترتيب قطاع غزة في المرتبة الرابعة عشر على مستوى المحافظات الخمسة عشر التي كانت تعتبر الأساس في صناعة الذهب حتى العام 2000م الماضي.
فيما تنتشر محلات الذهب في عدد من المناطق داخل قطاع غزة، ومن أبرز تلك المناطق سوق الذهب المعروف باسم سوق “القيسارية”، وهو ممر ضيق مغطى يقع في الحي القديم في مدينة غزة، وهو مركز لتداول وشراء الذهب، وموقع لصرف العملات الأجنبية يعمل في هذه المهنة ما يقارب الـ200 تاجر من مدينة غزة.
عذراً التعليقات مغلقة