أحمد زكريا – حرية برس
بعد مضي عام على إطلاق مليشيا قوات سوريا الديمقراطية “قسد” والتي تشكل الوحدات الكردية الجزء الأكبر منها، معركة “عاصفة الجزيرة” للسيطرة على الريف الشرقي من دير الزور، استأنفت تلك القوات المعركة وأعلنت في بيان لها عن انطلاق آخر مرحلة من المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” المتواجد في مدينة “هجين” وما حولها، في الريف ذاته.
وقالت تلك القوات في بيان لها، في (11 أيلول/ سبتمبر الحالي)، إن الحملة الأخيرة من “عاصفة الجزيرة”، تستهدف السيطرة على بلدات “هجين، والسوسة، والشعفة” وما حولها، والتي تعد الجيب الأخير الخاضع لسيطرة “داعش”.
ويشارك في هذه المعركة نحو 6 آلاف مقاتل من مليشيا “قسد”، بالتنسيق مع التحالف الدولي بتوجيه ضربات جوية للأهداف الثابتة لتنظيم “داعش”، وبالتنسيق أيضًا مع الجيش العراقي بتوجيه ضربات مدفعية على أهداف “داعش”، وفق ما تحدثت به الناطقة باسم حملة عاصفة الجزيرة “ليلوى العبد الله” لوسائل إعلام تابعة لتلك القوات، فيما أفادت مصادر من “قسد” بأنه لا فترة زمنية محددة لانتهاء تلك المعركة.
وكانت “قسد” أعلنت في (10 أيلول/سبتمبر 2017)، انطلاق عملية “عاصفة الجزيرة” لتحرير الريف الشرقي لمحافظة دير الزور، وطرد تنظيم داعش منها.
مواجهات عنيفة على محاور “الباغوز والسوسة”
وتحدثت مصادر من مليشيا “قسد”، عن اندلاع اشتباكات عنيفة ضد تنظيم “داعش” على محور قرية “الباغوز فوقاني”، مشيرةً إلى إحرازهم تقدمًا في تلك المنطقة على حساب تنظيم “داعش” والتمركز في عدة نقاط وانتقال المعارك إلى داخل تلك القرية، وسط أنباء من مصادر إعلامية عن سيطرة “قسد” على نحو 90% من تلك القرية، في حين تمكنت القوات ذاتها من التقدم مسافة 1 كم في قرية “السوسة” بعد مواجهات عنيفة ومعارك كر وفر مع التنظيم الذي اعتمد على تكتيك السيارات المفخخة.
“سرايا هجين” إلى جانب قوات “قسد”
وكشفت “شبكة فرات بوست” الإخبارية، عن أنه وللمرة الثالثة يتم الإعلان عن المرحلة الأخيرة من معركة “عاصفة الجزيرة” من قبل التحالف الدولي و”قسد”، مشيرةً إلى أن المناطق المستهدفة خلال تلك العملية العسكرية هي مدينة “هجين” وبلدة “الشعفة” وقرى “أبو الحسن، والبوخاطر” وأجزاء من قرية “الباغوز” شرقيّ دير الزور، بمشاركة عدد من التشكيلات العسكرية إلى جانب مليشيا “قسد”.
وفي هذا الصدد قال “صهيب جابر” المتحدث باسم “شبكة فرات بوست” لحرية برس: إن التشكيلات المشاركة في هذه المعركة هي “سرايا هجين” وهم مقاتلون من أبناء منطقة هجين وكانوا متواجدين في مناطق سيطرة “داعش” قبل أن يتمكنوا من الفرار إلى مناطق سيطرة مليشيا “قسد” والتي بدورها قامت باستغلالهم لتشكيل فصيل عسكري يقاتل إلى جانبها باسم “سرايا هجين”، يضاف إلى ذلك مشاركة “مجلس دير الزور العسكري” التابع لقسد، وهناك “فرقة برق الشعيطات”، وجميعها تقاتل بإسناد من تنظيم ” ي ب ك ” وبتعزيزات من التحالف الدولي.
لماذا منطقة “هجين”؟
وسألنا “جابر” عن أهمية منطقة “هجين” بالنسبة لقسد والتحالف الدولي فأجاب: داخل منطقة هجين الكثير من الأمور غير المعروفة للناس، ومنها على سبيل المثال الآثار التي ادعى تنظيم “داعش” أنه قام بتدميرها من خلال نشر فيديوهات مصورة على عمليات التدمير، إلا أنه وفي حقيقة الأمر كل ما تم تدميره آثار مزيفة بينما الحقيقية متواجد مع داعش داخل مدينة “هجين”، يضاف إلى ذلك وجود كميات كبيرة من الذهب والأموال بيد تنظيم داعش.
قِسّان وصحفيون أجانب بيد “داعش” في هجين
وكشف “الجابر” عن معلومات خاصة بشبكة “فرات بوست”، مفادها وجود قسين اثنين، وأربعة صحفيين من جنسيات أوروبية، يضاف إلى ذلك نحو 400 مقاتل أوروبي ضمن صفوف “داعش” يعمل التحالف الدولي على إيجاد طريقة للتفاوض من أجل إيجاد مخرج لهم.
وأضاف “الجابر” أن كل تلك الأسباب دفعت بالتحالف الدولي، لتأجيل تلك المعركة لأكثر من مرّة، معربًا عن اعتقاده بأن تلك المرحلة الأخيرة لن تكون الحاسمة بالنسبة للتحالف.
نحو 50 ألف مدني محاصر في مناطق “داعش”
وفيما يتعلق بمصير المدنيين المحاصرين في الجيب الأخير الخاضع لسيطرة داعش شرقيّ دير الزور قال “جابر”: إن عدد المدنيين المحاصرين في مناطق سيطرة “داعش” في ضفة الجزيرة شرق الفرات، أكثر من 50 ألف مدني خرج منهم منذ فترة 160 عائلة عندما سمحت لهم “قسد” بذلك، إلا أنها وبمجرد خروجهم قامت باعتقالهم وسوقهم إلى مخيم جنوبيّ الحسكة بحجة انتمائهم لداعش.
ولفت “جابر” الانتباه، إلى أن أوضاع المدنيين المحاصرين صعبة، وأن مصير المدنيين مجهول والممرات الآمنة هي آخر شيء يمكن التفاوض عليها من قبل الأطراف المتقاتلة، مضيفًا بأن المفاوضات تتم بشكل مباشر بين “داعش وقسد” أو التحالف على أمور تخص الطرفين وليس المدنيين، مشيرًا إلى أنه تم قصف المنطقة ذاتها، منذ أسبوعين، بمادة الفوسفور المحرم، ما يدل على أنهم لا يأبهون بحياة المدنيين.
المدنيون “الحلقة الأضعف”
وفي السياق ذاته، قال المحلل العسكري العقيد “أديب عليوي” لحرية برس: إن المدنيين واقعين بين فكي كماشة إن كان داعش أو قسد، ولا يوجد أي طرف للأسف يهتم بالمدنيين فهم الحلقة الأضعف، وهم الذين يتحملون عبء كل هذا العنف والتطرف الذي يحصل من أي طرف وعلى كامل الجغرافية السورية، فالمجتمع لدولي لا يأبه للمدنيين الذين يتلون حتى بالكيماوي وبالأسلحة المحرمة دوليًا، ولا أحد يأبه لذلك.
معركة صعبة وطويلة وعلى مراحل
وأعرب العقيد “عليوي” عن اعتقاده بأن معركة “عاصفة الجزيرة” لن تنتهي بهذه السهولة وستكون مدتها طويلة أكثر مما يتصوره كل من “قسد، والتحالف الدولي”، لافتًا إلى أن هذه المعركة مهمة بالنسبة للتحالف الدولي الذي يحاول أن يظهر أن وجوده على الأرض السورية وجود شرعي لأنه يقاتل الإرهاب كما يتحدث بشكل دائم، وبالتالي يريد أن ينهي هذا الجيب ولكن ليس بهذه السهولة، مشيرًا إلى أنه ليس هناك جدية كاملة من التحالف الدولي أو من المجتمع الدولي لإنهائه بسرعة كبيرة، وأضاف: أعتقد أن المعركة ستكون على مراحل وليست على مرحلة واحدة، ولن تستطيع “قسد” إنهاء التنظيم خلال هذه المعركة.
وتابع قائلًا: إن هذه المعركة بالنسبة لداعش معركة حياة أو موت، لأنه إذا ما انتهى هذا الجيب الخاضع لسيطرته فسينتهي داعش تمامًا، لذلك فإن داعش تقاتل عن عقيدة بعكس قوات قسد التي لا تقاتل عن عقيدة حقيقية، وفق وصفه.
“داعش” وتكتيك حرب العصابات والمفخخات
وفيما يتعلق بالتكتيكات العسكرية المتبعة في تلك المعركة أوضح “عليوي” أن قوات قسد لا تعرف المنطقة بشكل صحيح كونها غريبة عن المنطقة وعبارة عن قوات مرتزقة من كل قطر أغنية، بينما داعش المتواجد هناك منذ فترة طويلة يعرف المنطقة بشكل جيد ويستطيع الإمساك بها بشكل أفضل من قسد، إضافة لذلك فإن داعش يستفيد من الجغرافية المعقدة في المنطقة ويستطيع التخفي بشكل أفضل من قسد، وأضاف: نحن نعرف المقولة التي تقول: “قتلت أرضًا جاهلها وقتل أرضًا عالمها”.
ونوه إلى أن داعش تستخدم أسلوب وتكتيك السيارات المفخخة التي من خلالها تستطيع أن ترهب قسد وأن تقتل عدد منهم في هذه الحالات، والأهم من ذلك أن داعش انتقلت إلى حرب العصابات وليس الحرب الكلاسيكية أي أنه ليس هناك حرب جبهات، وبالتالي فإن داعش تتقن حرب العصابات أكثر من اتقان قسد لها بكثير، خاصةً ان داعش تستخدم دائمًا أساليب الكمائن والالتفاف، لذلك فإن المعركة ستكون شرسة في تلك المنطقة.
عذراً التعليقات مغلقة