ياسر محمد – حرية برس
بدأت نتائج معركة إدلب المزمعة تظهر سياسياً قبل انطلاق عملياتها العسكرية المحتملة، فزاد الجدل بين الأطراف الإقليمية والدولية، وظهرت حشودات وتوترات بحرية روسية أمريكية غير مسبوقة قبالة السواحل السورية في المتوسط، فيما حذر الاتحاد الأوروبي ومنظمة “اليونسيف” من أن العملية العسكرية ستكون الكارثة الأكبر على السوريين ودول الجوار، إلا أن التطورات السياسية الأبرز تمثلت بإعلان تركيا “هيئة تحرير الشام” منظمة إرهابية، وخسارة المبعوث الدولي إلى سوريا “ستافان دي مستورا” كامل مصداقيته ليكون أول وأبرز المهزومين في المعركة التي لم تبدأ بعد.
وكان دي مستورا صرّح قبل يومين أنه على استعداد للذهاب إلى إدلب لتأمين ممرات آمنة لنحو ثلاثة ملايين مدني (باتجاه مناطق النظام)، وذلك لإنقاذهم وفق رؤيته، ليكرر السيناريو نفسه الذي طرحه قبل عامين عندما حشد النظام وحلفاؤه على أحياء حلب الشرقية، ومتماهياً بذلك مع الطرح الروسي بفتح “ممرات آمنة” للمدنيين وإعادتهم إلى جحيم النظام بذريعة إنقاذهم ليلاقوا أشكالاً مختلفة من التنكيل والموت!.
اللافت أن مظاهرات السوريين التي انطلقت من أكثر من خمسين نقطة في الشمال السوري، أمس الجمعة، رفضاً للهجوم المزمع على إدلب، هاجمت دي مستورا مصنفةً إياه كعدو، حيث تخلى عن مهمته الأممية كوسيط يجب أن يعمل على حماية المدنيين وإدانة القاتل، لا أن يكون جزءاً من الخطة الروسية الرامية إلى إفراغ المنطقة من سكانها وإجبارهم على العودة إلى “حضن سوريا الأسد”.
وفي خطوة عملية تهدف للضغط من أجل عزله، طالبت “هيئة القانونيين السوريين الأحرار”، أمس الجمعة، الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش” كف يد مبعوثه الخاص إلى سوريا “ستيفان دي ميستورا” عن الملف السوري ريثما يتم عزله واستبداله، وفتح تحقيق معه حول مسيرته السابقة في الملف السوري كاملة وإجراء المقتضى القانوني اللازم بحقه أصولاً.
وفي حين لم يصدر أي تصريح شخصي عن رئيس هيئة التفاوض المعارضة، نصر الحريري، أصدرت هيئة التفاوض بياناً بدا خفيف اللهجة تجاه دي مستورا، مذكراً إياه بمهامه ومنتقداً دعوته لتهجير سكان إدلب والشمال، وقال الكاتب السوري محي الدين لاذقاني معلقاً على بيان الهيئة: “من يمثل هؤلاء..؟ بدلاً من أن تطالب هيئة التفاوض بإقالة ديمستورا على موقفه العدواني وتشجيعه الهجوم على إدلب، شكرته على إنسانيته وأبدت حرصها على اللجنة الدستورية، ولتظهر أنها مستاءة من موقفه ميعت الموضوع بعبارات إنشائية فضفاضة وختمت مبدية تخوفها من تعطيل العملية السياسية”.
ومع الحملة الشعبية العارمة ضد دي مستورا، أطلق معارضون وناشطون سوريون حملة على “تويتر” تحت وسم #ديمستورا_حليف_الأسد، وكتب الصحفي السوري محمد منصور: “مع أن معظم الوسطاء الدوليين الذين تختارهم الأمم المتحدة لإدارة الأزمات الدولية هم أشخاص يتمتعون بقدر وافر من البرود والأنانية واللامبالاة بمعاناة البشر… إلا أن ستافان ديمستورا بلا شك هو أسوأ وسيط في تاريخ الأمم المتحدة.. وهو الأكثر نذالة ووضاعة وخيانة للمواثيق الأممية وبوقاحة”.
وصعّد رئيس الدائرة الإعلامية في الائتلاف المعارض، أحمد رمضان، ضد دي مستورا، قائلاً: “عندما يمتنع ديمستورا عن إدانة نظام استخدم السلاح الكيماوي 216 مرة لقتل السوريين، أو يستنكرَ قتلَه 20 ألف معتقل تحت التعذيب من أصل 95 ألف مختفٍ قسرياً، ثم يتبرع بالحديث عن ممر إنساني لـ 4 ملايين نسمة في إدلب، مسوغاً العدوان الروسي، فليس أمامه سوى التنحي”.
وتفاعل الشاعر العراقي البارز، عباس الجنابي، مع أشقائه السوريين، فعلق بالقول: “دي مستورا جزء من جريمة إبادة الشعب السوري.. أي إبادة من يبقى فوق أرضها من رافضي العبودية”.
بينما رأى سياسيون سوريون وعرب أن دي مستورا هو نتيجة توافق غربي – روسي في الملف السوري، وأنه ينفذ أجندة متفقاً عليها وإن كانت غير معلنة، إلا أن مهمة دي مستورا بعد إدلب لن تكون كما قبلها.
يذكر أن المبعوث الدولي ستافان دي مستورا، والذي يحمل الجنسيتين السويدية والإيطالية، عُين في 10 تموز عام 2014 مبعوثاً خاصاً للأمم المتحدة إلى سوريا، خلفاً للجزائري الأخضر الإبراهيمي الذي قدم استقالته من المنصب، وكان سبقه في الاستقالة من المنصب ذاته المبعوث الأول إلى سوريا الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان.
عذراً التعليقات مغلقة