أحمد زكريا – حرية برس
ما يزال القاطنون في مخيم “زوغرة” للمهجريّن بريف حلب الشرقي، يعانون من تردي الحالة الإنسانية والمعيشية وسط افتقارهم لكافة مقومات الحياة الأساسية، بحسب ما تحدث به ناشطون ومصادر محلية.
وتم إنشاء “مخيم زوغرة” في (منتصف شهر آذار/مارس 2017)، بدعم من منظمة “آفاد التركية” لاستقبال المهجّرين من حي “الوعر” الحمصي، عقب الاتفاق الذي تم بين لجنة مفاوضات عن أهالي الحي مع وفد تابع لنظام الأسد بضمانة روسيّة، بعد نحو ثلاث سنوات من حصار الحي من قبل قوات النظام.
الوضع من سيء إلى أسوء
“عبد العزيز الدالاتي” الناشط الحقوقي وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان، وأحد الأشخاص الذين تم تهجيرهم من حي “الوعر” إلى “مخيم زوغرة” قال لحرية برس: إن وضع المخيم كباقي المخيمات سيء جداً، فلا يوجد شبكة صرف صحي وإنما عبارة عن “حفر فنية” تقع أمام كل خيمة وأغلب تلك “الحفر” مكشوفة الأمر الذي يتسبب في مشاكل صحية للأهالي، كما يوجد حمامات جماعية إضافة الى دورات مياه جماعية 70% منها تقريباً خارج الخدمة.
يضاف إلى ذلك معاناة المهجريّن من شحّ بشكل ملحوظٍ جداً في المخيم، في حين يعتمد الأهالي على صهاريج المياه التي تأتي للمخيم بشكل شبه يومي لتعبئة المياه، فضلاً عن غياب “التيار الكهربائي” عن المخيم ما يدفع قاطني المخيم للاعتماد على “المولدات” وأغلب مصاريفها على حسابهم الشخصي، مؤكداً أن المخيم يحتاج لكل شيء من “شبكات الصرف الصحي، والماء، والكهرباء”.
حالات إغماء وانتشار للأمراض وتردي للحالة الطبية
وتعاني غالبية المخيمات الواقعة في شمال وشرقّي حلب من سوء الأحوال الجوية، نظراً لحالِ الخيّام التي لا تقيهم برد الشتاء ولا حرّ الصيف، في حين أن الارتفاع الشديد في حرارة الجو يؤدي لانتشار الأمراض وخاصةً بين الأطفال في تلك المخيمات.
وقال “الدالاتي” تم تسجيل عشرات حالات الإغماء بين الأطفال وقاطني مخيم “زوغرة” بسبب ارتفاع درجات الحرارة، يضاف إلى ذلك انتشار الأمراض الجلدية بكثرة وخاصة “القمل، والجرب، واللشمانيا أو ما تسمى بحبة حلب”، مبيناً أن كل “خيّمة” تتحول إلى ما يشبه “الفرن” بسبب حرارة الطقس المرتفعة، على حد وصفه.
وفيما يتعلق بالمراكز الطبية العاملة في المخيم، لفت “الدالاتي” إلى وجود خيمة كبيرة في المخيم يعمل فيها بعض المتطوعين من الذين كانوا يعملون في مشافي حي الوعر الميدانية، وذلك من أجل تقديم المساعدة الإسعافية للحالات المرضية البسيطة، مشيراً في الوقت ذاته إلى وجود سيارة اسعاف لنقل الحالات الإسعافية أو الحالات الحرجة إلى مشفى مدينة جرابلس.
سوء الأوضاع أدى لانخفاض عدد قاطني المخيم
وكان “المجلس المحلي لمدينة جرابلس” شرقيّ حلب، ناشد في (13حزيران/ يونيو الماضي)، وخلال تصريحات لإحدى الوسائل الإعلامية الإذاعية، “المنظمات الإنسانية والإغاثية لتأمين الاحتياجات الأساسية لنازحي مخيم زوغرة الواقع بالمدينة” وقال “عبد خليل” رئيس المجلس: “إن مخيم زوغرة بحاجة لتأمين المتطلبات الأساسية كالمواد الغذائية، والسكن المناسب (منازل أو كرافانات)، إضافة إلى تأمين فرص عمل للمهجريّن كون معظمهم عاطلاً عن العمل”.
في حين، سبق تلك المناشدات وبتاريخ 14 أيار/مايو 2017، عودة نحو 14 عائلة أي ما يقارب من 50 شخص إلى حي الوعر داخل مدينة حمص، بسبب تردي الحالة المعيشية وعدم قدرتهم على تحمل تلك الأوضاع، بحسب ناشطين، لتتوالى عمليات العودة نحو حي الوعر بحسب مصادر مطلعة على الأوضاع داخل المخيم.
وفي هذا الصدد قال “الدالاتي”: عند نهاية عملية تهجير أهالي حي الوعر كان عدد سكان مخيم زوغرة نحو 11000 شخص غالبيتهم من المهجريّن من مناطق “حي الوعر، وريف حمص الشمالي، والغوطة الشرقية”، إلا أن هذا العدد انخفض تدريجياً نتيجة سوء الخدمات، يضاف إلى ذلك الدفعة التي عادت الى حي الوعر باتفاق بين النظام والأتراك، حيث بلغ عدد العائدين حوالي 520 شخص.
وتطرق “الدالاتي” في حديثه لموضوع غلاء الأسعار الذي يرهق كاهل الأهالي داخل المخيم وقال: إضافة لسوء الواقع الخدمي يعاني الأهالي من ارتفاع الأسعار، حيث يصل سعر الكيلو الغرام الواحد من “اللحوم” على سبيل المثال إلى حدود 4000 ليرة سورية، بينما يصل سعر “قالب الثلج” الواحد إلى نحو 1000 ليرة سورية، لافتاً إلى عدم وجود جهات داعمة تعمل على توزيع “قوالب الثلج” على المهجريّن في المخيم في فصل الصيف ما يضطرهم لشرائها بأسعار تفوق قدرتهم الشرائية.
معاناة المهجريّن في فصل الشتاء
ولا يختلف الحال بالنسبة لقاطني المخيم في فصل الشتاء عما هو الحال عليه في فصل الصيف من ناحية استمرار معاناتهم، فقد شهد المخيم طوفان عدد من الخيّام بسبب هطول الأمطار ما زاد من حجم المعاناة، وقال “الدالاتي”: عند هطول الأمطار تطوف الخيّام وتصبح الحركة مستحيلة داخل المخيم ما يزيد من سوء الأوضاع”.
وأشار الناشط الحقوقي إلى أصوات المهجريّن التي بدأت تتعالى والشكاوى التي بدأت تصل للمنظمة الداعمة فيما يتعلق بسوء وضع الخيّام، الأمر الذي دفع بعدد من العائلات النازحة لبناء “غرف” تأوييهم كبديل عن “الخيمة”، مبيناً أن “السلطات التركية” كانت تمنع القيام ببناء مثل تلك الغرف إلا أنها حالياً تغض النظر عن ذلك بسبب شكاوى الأهالي.
مساعدات لا تكفي حاجة الأهالي
ويقع مخيم “زوغرة” بالقرب من مدينة “جرابلس” التي تبعد نحو 25 كم عن المخيم من جهة الغرب، وتعتبر أقرب مدينة لقاطني المخيم ما يسهل عليهم عملية شراء الاحتياجات اللازمة لهم، كون المنظمات الداعمة التي تقدم المعونات الاغاثية لسكان المخيم غير كافية لهم.
وأوضح “الدالاتي” أن منظمة “أفاد التركية” هي المسؤول الرئيس عن تقديم المساعدات لقاطني المخيم، كما يعمل الهلال الأحمر القطري على تقديم المساعدات أيضاً، مشيراً إلى أن المساعدات يتم توزيعها على فترات متقطعة ولا تكفي حاجة الأهالي، مؤكداً أن تلك المنظمات المذكورة هي الوحيدة القادرة على العمل في المخيم، في حين يمنع على باقي المنظمات الإنسانية الأخرى العمل في المخيم إلا بعد التنسيق مع منظمة “آفاد التركية”.
الجدير ذكره، أن سوء الأوضاع الصحية والإنسانية والمعيشية لا يقتصر على مخيم “زوغرة” للمهجريّن، بل يمتد ليشمل كافة مخيمات الشمال السوري وخاصةً العشوائية منها نظراً لقلة الدعم الإغاثي والطبي المقدم لها في ظل كثافة سكانية يقابلها احتياجات متزايدة للنازحين بشكل يومي، الأمر الذي يتطلب تحركاً عاجلاً من قبل المنظمات والجهات الداعمة لمدّ يدِ العون لقاطني تلك المخيمات منعاً لوقوع أي كارثة طبية أو إنسانية.
عذراً التعليقات مغلقة