فارس أبو شيحة – غزة – حرية برس:
بلباسه ذو الألوان الباهية، وبحركاته البهلوانية وبعض الأعمال الخفيفة والجميلة، استطاع الطبيب المهرج “عبدالله أبو شعبان”، سرقة قلوب الأطفال ورسم الابتسامة على وجوههم، وهو يداعب أحد أطفال المصابين بمرض السرطان في مستشفى “عبد العزيز الرنتيسي” للأطفال بمدينة غزة.
يجوب المهرج “أبو شعبان” أقسام الأطفال في العديد من المستشفيات داخل المدينة، لإدخال البهجة إلى نفوسهم وذويهم من خلال الرقص والغناء والضحك وتوزيع الهدايا البسيطة والبالونات.
“أبو شعبان” البالغ من العمر 22 عاماً، من سكان منطقة دير البلح وسط قطاع غزة، ويدرس بالجامعة الإسلامية، أصيب بمرض السرطان في صغره، وبعد رحلة علاجية طويلة مليئة بالإرادة والإيمان والعزيمة، انتصر عليه، وتماثل للشفاء، وعزم بعد ذلك إدخال السعادة والسرور لقلوب الأطفال المصابين بالسرطان.
من القلب إلى القلب
استطاع “أبو شعبان” إنشاء فريقٍ من المهرّجين حمل اسم “من القلب الى القلب”، هو واثنين من زملائه، تحت رعاية مؤسسة “بسمة أمل” لرعاية مرضى السرطان بمدينة غزة.
وعادة ما تُقابل جهود الفريق البهلواني بتفاعل الأطفال، واندماج كلي في جو المرح والفرح، حتى أن بعضهم يجهش بالبكاء حينما يهم الفريق بمغادرة غرفة المستشفى.
يقول “أبو شعبان” في حديثه لـ”حرية برس” أن “الكثير من الأطفال يخافون من الطبيب وأدواته، ونحن نعمل على إزالة هذا الخوف، ليتعامل الأطفال مع الأطباء كما يتعاملون معنا”.
ويشكو “الطبيب المهرج” يأس بعض أهالي مرضى السرطان، لكنه يقابل ذلك بسرد قصة تحديه للمرض، وكيف أنه تماثل للشفاء، فيعطيهم دفعة معنوية وإيجابية، لتحفيزهم على الصمود والصبر.
رحلة مليئة بالتحدي
إصرار أبو شعبان على التخفيف من معاناة الأطفال المصابين بمرض السرطان، كان خلفها رحلة عذاب كابدها في أروقة المستشفيات للتخلص من مرض السرطان.
ويقول عن ذلك: “شعرت بضيق في التنفس، فتوجهت إلى المستشفى، وقال لي الأطباء إن هناك كتلة من الورم السرطاني في صدري، أزاحت القلب قليلاً إلى اليمين، وضغطت على الرئة، ما أدى لصعوبة التنفس”.
كان حجم الورم في صدره 13 x15سم، وهو حجم كبير بالنسبة للأورام، فقرر الطبيب إجراء عملية جراحية له، ونظراً لصعوبتها سارع بإيجاد تحويلة لمستشفى جراحي في الأراضي المحتلة.
وقف حجم الورم الكبير عائقاً أمام إجرائه العملية، الأمر الذي فرض عليه أخذ العلاج الكيميائي لتقليص حجمه، فتناول الجرعة الأولى، وأصيب على إثرها بالتهاب في الدماغ، وهي حالة لا تحدث إلا لشخص واحد من بين كل مليون مريض يتناول هذه الجرعة وفق قوله.
دخل “أبو شعبان” في غيبوبة لثلاثة أيام، حيث رجّح بعض الأطباء ألا يعود للحياة بشكل طبيعي، لكنهم انتزعوا العلاج الذي أعطوه إياه من جسده، وأعطوه دواءً آخر، فاستيقظ، لكن ذلك لم يكن سوى بداية طريق العلاج.
بعد استفاقته، استأصل له الأطباء الورم، وخضع لعملية زراعة نخاع جديد، وتعد هذه العملية ضمانة كبيرة لعدم عودة الورم للجسم مرة أخرى، بسبب استئصال جميع الخلايا السرطانية في الجسم.
آمالٌ مستقبلية
بعدما تماثل “أبو شعبان” للشفاء بعد رحلة علاجية طويلة، وجد أهمية كبرى في أن يكون في غزة مستشفيات متخصصة لعلاج مرضى السرطان، لكن ذلك لم يحدث حتى اللحظة.
ويأمل “أبو شعبان” أن يحتضن القطاع مؤسسة خاصة لـ”المهرجين الأطباء”، تضم أشخاصاً متفرغين يعملون في كافة المشافي للتخفيف عن الأطفال مرارة المرض وعذاباته.
وأثبتت الدراسات الحديثة أن الضحك يزيد من مناعة الجسم، ويقوي إرادة المريض للشفاء ويرفع روحه المعنوية، ما يساعد الخلايا على مقاومة المرض ويعجل بالشفاء.
عذراً التعليقات مغلقة