الأمثال الشعبية للمأساة السورية – “الشرطة في خدمة الشعب”

معاذ عبد الرحمن الدرويش30 يونيو 2018آخر تحديث :
معاذ عبد الرحمن الدرويش

سأروي قصتين حدثتا معي بنفس التوقيت تقريباً، لكن في بقعتين مختلفتين من الكرة الأرضية.

في عام 2009 كنت في دولة الامارات، نزلت أشتري حاجة من إحدى المحلات، وتركت السيارة تعمل، وعندما عدت وجدت السيارة قد أقفلت أتوماتيكياً وبشكل كامل، ولم ـستطع فتح أي باب من أبوابها، اتصلت على الفور على الرقم المجاني للشرطة، شرحت لهم قصتي وطلبوا مكان تواجدي، وبعد أقل من عشرة دقائق كانت دورية شرطة مؤلفة من ثلاثة عناصر عندي، سألوني على الفور إذا هناك أي خطر أو تخوف لكي يطلبوا الدفاع المدني، قلت لهم لا حاجة لذلك، كل ما في الأمر أن السيارة أقفلت بعد أن نزلت منها، تفحصوا السيارة وما حولها جيداً، قالوا لي بسيطة، طلبوا مني أن أنتظر قليلاً ثم غادروا، وبعد وقت قصير عاد عناصر الدورية ومعهم شاب هندي متخصص، وبدأ الشاب الهندي العمل على الفور، وعناصر الشرطة ملتفون حوله ويساعدونه وأنا أقف متفرجاً، حتى انتهى العامل الهندي من عمله وفتح باب السيارة، في هذه الأثناء سحبني أحد عناصر الدورية جانباً وهمس لي قائلاً: الهندي سيحاول استغلال موقفك، إيجار عمله 50 درهماً فلا تعطه أكثر من ذلك.

وبالفعل طلب العامل الهندي 100 درهم، وتدخل الشرطي مباشرة ودخل في نقاش حاد مع العامل الهندي وقال له إيجارك الطبيعي 50 درهم، فلماذا تحاول الاستغلال، وبقي الشرطي بيني و بين الهندي ـ والدورية لم تغادر ـ حتى تطمأن أن الهندي أخذ 50 درهماً فقط.

بعد فترة وجيزة من الحادثة، عدت الى الوطن الحبيب سوريا مسروراً مشتاقاً، بعد وصولي بيومين وكان صباح يوم جمعة، جاءني اتصال من أحدهم يفيد بأن بيتي يتعرض للسرقة والتخريب من قبل الجماعة الذين كانوا يسكنونه، وهم يحملون حاجياتهم ويستعدون للرحيل وقد طلبت منهم ذلك قبل عدة شهور، فذهبت مباشرة إلى ناحية البلدة، دخلت إلى رئيس المخفر وشرحت له المشكلة، قال ادخل إلى مدير الناحية فهو موجود، دخلت إلى مدير الناحية وأخبرته بأن بيتي يتعرض للسرقة والتخريب الآن وطلبت منه أن يرسل دورية على الفور قبل أن يهرب أولئك وهم يستعدون للرحيل، ردّ علي بكل برودة أعصاب وقال: أريد خطاباً رسمياً من القاضي حتى أستطيع أن أرسل لك دورية، قلت له: أنت تعرف أن اليوم جمعة، فأجابني: ليست مشكلتي، قلت له: لو ذهبت وقتلت أحد منهم هل تحتاج إلى معروض قاضي لكي تتدخل، فغضب ووقف خلف طاولته وصرخ بأعلى صوته: “إذا ما بتطلع بحطك بالنظارة، روح إن شاء الله بتذبحهم وبيذبحوك”، سمع الصراخ شرطي فدخل وسحبني من يدي إلى الخارج، وهمس بأذني قائلاً: “مد إيدك على جيبك وحط له 5000 ليرة بيطالع المخفر كله معك”.

سلمت أمري إلى الله وخرجت مقهورا مستسلماً، وقلت أولئك أحقّ بمالي من هذا المجرم.

لكنني قررت منذ تلك اللحظة أن هذه البلاد وعلى الرغم من أن الروح مجبولة مع كل ذرة تراب منها، إلا أنها لم تعد صالحة للحياة ما دامت العصابة الأسدية موجودة فيها.
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل