يقال: إذا أردت أن تكون من أكثر الناس احتراماً في الشارع، فيجب عليك أن تكون برفقة عجوز في فرنسا، وبرفقة فتاة في إيطاليا، وبرفقة كلب في بريطانيا. أما في سوريا الأسد المحتلة فيجب عليك أن تكون برفقة مسدس محمول على خصرك. فبعد أن خنع الشعب السوري وسكت عن مجزرة حماة عام 1982 وخرج المجرم المقبور حافظ منتصراً، كان لا بد من إذلال الشعب المهزوم، وسحقه حتى لا يفكر يوماً بأن يرفع رأسه ثانية.
جاء النظام المجرم بكل “شذاذ الآفاق” من الشعب السوري -إلا من رحم ربي- وأدخلهم في سلك المخابرات، وأعطاهم مسدساً وصلاحيات مطلقة، ففعلوا العجائب والغرائب بالشعب المسكين. واتبع سياسة التجويع و الإذلال، فإن كان لديك الجرأة وتفوهت بكلمة؛ تقرير بسيط، لا يكلف سوى كلمات قليلة، بتهمة “منتمي للإخوان المسلمين”، يمكن أن يسكتك إلى الأبد، فإما إلى حبل المشنقة، أو في أحسن الحالات تمضي ما تبقى من عمرك في ظلم و ظلام السجون الأسدية.
ولكي يحصل المواطن السوري على ربطة قوته اليومي من الخبز، كان يتوجب عليه أن يقف في الطابور لعدة ساعات، في حين يأتي من على خصره “مسدس” ويتخطى رقاب كل تلك الجموع الواقفة، وبكلمة واحدة يصيح “بعدوا هيك لشوف” ليزيح الجموع المتزاحمة على طاقة الفرن، وبنبرة عنجهية وتكبر ، “هيي أعطينا الخبزات” وإذا ما تأخر أو تلكأ صاحب الفرن عن إعطائه ما يريد للحظات، سواء بقصد أو بدون قصد، “يا ويله و يا سواد ليله”، هذا اللهم في حال كان عند “صاحب الجلالة” قليل من الاحترام، لأنه على الغالب أمثال هؤلاء لا يتنازلون إلى مستوى الطاقة، يرفسون الأبواب بأرجلهم، ويدخلون الى داخل الفرن، ينتقون أرغفة الخبز “المحمرة المقمرة”، وما يتبقى من خلفهم من فضلات الخبز هي التي تكون من نصيب الشعب الذي يتصارع ويتقاتل فيما بينه للوصول إلى طاقة الفرن منذ ساعات عديدة.
تركب أحد الباصات العامة، وتكون سعيد حظ إذا استطعت أن تجد مكاناً وتقف فيه وأنت على كامل قدميك، وبينما تكون كذلك يأتي أحدهم يشق طريقه وسط الزحام، دون أن يبالي بأحد وهو يتأفف ويدفع الناس ويصرخ، ثم يختار ما يحلو له من كرسي، ويطلب من الجالس أن يقف لأن الكرسي حسب زعمه محجوز، محجوز لمين؟ يهز خصره حتى يظهر المسدس، فيفهم المواطن ويقوم وهو بكامل سعادته، لأنه وقف لـ “لصاحب الجلالة” وجلس في مكانه.
عذراً التعليقات مغلقة