ولاء عساف – حرية برس:
تعد المراكز الحيوية والخدمية في المناطق المحررة من أبرز أهداف صواريخ الإجرام الأسدي البوتيني، وفي مقدمتها المستشفيات التي أخرجت عن الخدمة واحداً تلو الآخر، في سبيل تضييق الخناق على الأهالي وحرمانهم من أبسط الخدمات.
وعلى الرغم من كل التحديات كانت كثير من المستشفيات تعود للعمل وبقوة أكبر في فترة وجيزة خاصة إذا كانت ذات أهمية بالنسبة للمنطقة الموجودة فيها وتقدم خدمات كبيرة، في حين اضطرت مشافٍ أخرى للنزوح بكوادرها وأدواتها مجبرة على ترك المنطقة التي كانت يخدمها بعد التعرض للقصف والاستنزاف بالكادر والأدوات ونزوح المدنيين منها.
في يناير وفبراير الماضيين فقط تم تسجيل 67 هجوماً مؤكداً على المستشفيات، وهذا العدد يشكل نسبة أكثر من 50% من الهجمات المؤكدة في عام 2017 كاملاً والتي بلغت 112 هجوماً، ومن الملفت أنه وقع حوالي نصف هذه الهجمات في مستشفيات الغوطة الشرقية والتي كانت محاصرة من قبل قوات الأسد وحلفائه.
خرجت معظم المشافي في الغوطة عن الخدمة، وساهم ذلك إلى حد كبير على إجبار الناس على القبول بتهجيهم نحو الشمال.
استهداف ممنهج
مع تهجير الغوطة الشرقية باتت محافظة إدلب ومناطق الشمال السوري المحرر أهم الأهداف المتبقية لدى نظام الأسد وحلفائه في عملية القتل الممنهج، لم تسلم المشافي والمراكز الطبية هنا من الاستهداف طيلة السنوات السابقة، ولا يزال بعضها يتعرض لاستهداف متكرر حتى يومنا هذا.
ولعلّ أبرز المشافي التي تتعرض للاستهداف من قبل طائرات نظام الأسد وروسيا، مشفى معرة النعمان الوطني في جنوبي إدلب الذي تعرض للقصف بشكل مباشر من قبل الطيران الحربي الروسي بتاريخ 4-2-2018، ما أدى إلى أضرار مادية بالغة أخرجت المشفى عن الخدمة.
كما تعرض مشفى السلام في جنوبي إدلب في 3-1-2018 للقصف وهو مستشفى للتوليد وعلاج النساء والأطفال وقد تدمّر بشكل شبه كامل وأصيب 5 أشخاص من الكادر الطبي واستشهد شخص من المدنيين، حيث خرج المشفى عن الخدمة نهائياّ ولكن بعد فترة قصيرة عاد للعمل بشكل جزئي خاصة أنه يستقبل حالات حرجة يومياّ ويجري عمليات الجراحة النسائية ورعاية الأطفال والخدج خاصة وأنه يحتوي على حاضنات ولا يستطيع التوقف عن العمل.
أما مشفى كفرزيتا (الشهيد الطبيب حسن الأعرج) في شمالي حماة فقد خرج عن الخدمة أكثر من مرة منذ بداية عام 2018 حيث تضرر بشكل كامل خاصة أن القصف الذي تعرض له كانت خلال أيام متتابعة وأدت الى تضرره بشكل كبير ووقوع جرحى وشهداء من الكادر الطبي، ومن الجدير بالذكر أن هذا المشفى هو الوحيد الموجود في ريف حماة الشمالي، ناهيك عن خروجه عن الخدمة أيضاً مرتين في العام 2017 حيث تعرض لأول ضربة جوية في مطلع السنة، أما الضربة الثانية كانت في الشهور الأخيرة.
في حين تعرض مشفى إعجاز (الشهيد ميسر الحمدو) للقصف في العام 2018 ولكن الاستهداف كان بشكل غير مباشر مما أدى الى إيقافه عن العمل حفاظاً على حياة الكادر والمرضى ولكن بقي قسم الإسعاف يعمل على إسعاف الجرحى والمصابين واستقبال الحالات الحرجة… وفيما بعد اضطر إلى الانتقال إلى ريف ادلب الشمالي بعد أن سيطرت قوات الأسد على منطقة سنجار ومازال يعمل جاهداً على إثبات نفسه بمنطقة اخرى بكادره الذي يعمل ليل نهار على خدمة المرضى بعد أن كان يغطي ناحية سنجار وريف حلب الجنوبي وريف حماة الشرقي.
وهذا غيض من فيض… مازال مسلسل القصف مستمر ولكن باستراتيجية دقيقة ومدروسة منذ سنوات، وقد تكفّلت هذه الاستراتيجية بتدمير العشرات من المرافق الطبية، وتسببت بمقتل مئات الأطباء والممرضين والمسعفين منذ بداية الثورة السورية، وسط صمت دولي مريب ومطالب خجولة لتحييد متل هذه المراكز الحيوية في سوريا عن الصراع القائم على أرض الواقع، فمن المحق أن تتمتع المستشفيات والوحدات الطبية بحماية من نوع خاص لطبيعة عملها الإنساني.
عذراً التعليقات مغلقة