رانيا محمود – حرية برس
لم ينطوِ حصار الأسد للغوطة الشرقية منذ عام 2013 على إزهاق الأرواح وتدمير المنطقة وتهجيرها قسراً فحسب، بل حرم أيضاً طلاب الغوطة الشرقية من حقهم في التعليم.
فبحسب المعلومات التي قدمها مكتب الإحصاء في مديرية التربية في ريف دمشق “لحرية برس”، وصلت نسبة التسرب من المدارس في الغوطة الشرقية إلى 20% من إجمالي عدد الطلاب الذي وصل عددهم إلى 42 ألف طالب في التعليم العام، و13 ألف طالب في التعليم الخاص.
وتفاوتت نسبة التسرب بحسب ازدياد وتيرة القصف الذي استهدف حتى المدارس وأخرج 22 مدرسة في الغوطة عن الخدمة بالكامل، وذلك قبل الحملة العسكرية الأخيرة على الغوطة حيث تعذّر إحصاء الخسائر بسبب اشتداد القصف. وكان التهجير القسري آخر هذه الممارسات التي لوحت بمصير قاس ينتظر الطلاب، حيث وصل عدد المهجرين من الغوطة بحسب مراسل “حرية برس” إلى 48539 مدنياً.
يواجه طلاب الغوطة اليوم ولا سيما طلاب الشهادات الإعدادية والثانوية مأزقاً حقيقياً، عقب سنوات من الحصار، وأيام دامت فيها حملة النظام العسكرية ومجازره. فما هي الحلول الممكنة لاستيعاب هذه الكارثة الإنسانية، وتخطي الأزمة التعليمية التي يعانيها طلاب الغوطة؟
اقترح الأستاذ “خالد زيدان” في حديثه مع “حرية برس”، وهو مدرب بناء قدرات في برنامج مناهل التابع لمنظمة “كومنيكس” ومسؤول سابق للتخطيط والإحصاء في وزارة التربية والتعليم، أنه يوجد حلان إسعافيان للتعامل مع أزمة تأخر التعليم، الأول هو فرز الطلاب على الصفوف التي تتناسب مع مؤهلاتهم العلمية بغض النظر عن العمر. أو فرز الطلاب على الصفوف بحسب العمر وتقديم دروس داعمة بحيث يحصل الطالب على معلومات مكثفة تجعل مؤهلاته العلمية توازي عمره. مؤكداً على ضرورة هذه الخطوات بالنسبة لطلاب الشهادات الإعدادية والثانوية. ونوّه الأستاذ زيدان إلى أهمية تأطير الشباب ولاسيما طلاب الثانوي، وفتح مراكز تدريب وتأهيل مهني لاستقطابهم، وذلك لمنعهم من الالتحاق بالفصائل المسلحة أو الهجرة، إضافة لكونهم بحاجة إلى إعالة عائلاتهم.
خطة لاستيعاب الأزمة
وفي المقابل سارعت مديرية التربية والتعليم في ريف دمشق بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم التابعة للحكومة السورية المؤقتة إلى تشكيل لجنة تُعنى بإدارة ومتابعة شؤون المعلمين والطلاب الذين تم تهجيرهم قسرياً من الغوطة الشرقية. وأوضح رئيس هذه اللجنة المهندس “راتب العلي” لحرية برس أن عمل اللجنة مازال في بدايته ويتضمن إحصاء أعداد المدرسين والطلاب الوافدين إلى الشمال، حيث وصل العدد الإجمالي للمدرسين (بما فيهم العاملين في القطاع الخاص والتابعين لمديرية تربية ريف دمشق) إلى 400 مدرس ومدرسة، إلا أن إحصاء عدد الطلاب مازال صعباً بسبب عدم استقرار العائلات المهجرة واستمرار توافد المزيد من الغوطة. مشيراً إلى أن اللجنة تدرس مسألة المستحقات المالية للمدرسين وإعادة تعيينهم في الشمال.
أما فيما يتعلق بأمور الطلاب، فإن خطة اللجنة تشمل فتح معهد خاص لطلاب الشهادات الثانوية والإعدادية الوافدين من الغوطة الشرقية، وإعداد برنامج تعليم صيفي لتعويض الطلاب عما فاتهم من فصول دراسية. بالإضافة إلى فتح شعب جديدة في المدارس أو تقسيم الطلاب إلى فوجين صباحي ومسائي، ومن الممكن أيضاً إقامة مدارس في المخيمات. وتتوجه اللجنة حالياً لمخاطبة المنظمات المدنية التي تُعنى في التعليم، ومديريات التربية في الشمال لمساعدتهم لتخطي هذه الكارثة.
وأشار الأستاذ العلي إلى تجاوب مديريات التربية في كل من حلب وإدلب السريع مع اللجنة. حيث استقبلت مدرسة الأتارب الجنوبية يوم الثلاثاء الماضي حوالي 125 طالباً بالإضافة لعدد من المعلمين من الغوطة الشرقية موزعين على 6 شعب، وتم تزويدهم بالكتب والحقائب المدرسية والقرطاسية، إضافة إلى حفل تكريم تمّ يوم الخميس الماضي، وذلك بحسب ما قاله مشرف المجمع التربوي للأتارب وريفها الأستاذ محمد فصيل الإبراهيم لحرية برس، مضيفاً استعدادهم لفتح شعب جديدة واستيعاب حوالي 400 طالب، إلا أن العدد لم يستقر حتى الآن بسبب تنقل العائلات الوافدة. ومن جهتها وجهت وزارة التربية والتعليم أمراً بتوزيع نسخ من الكتب المدرسية على الطلاب الوافدين، وفتح شعب تستوعب الطلاب والمدرسين. كما قدمت مكرمة لطلاب الشهادات الإعدادية والثانوية بإعفائهم من رسوم التسجيل، وتمديد موعد التسجيل حتى يتسنى لجميع طلاب الغوطة الالتحاق بامتحان الشهادة.
عذراً التعليقات مغلقة