قد يبدو للوهلة الأولى أن العنوان كتب بشكل معكوس خطاً أو سهواً. والحقيقة أن العنوان صحيح لكن الشيء المعكوس -مع كل أسف- هو الفكر الذي وصلنا إليه .
كتبت منشوراً على صفحتي الخاصة على فيس بوك وعلى بعض المجموعات الثورية تحت عنوان سؤال برسم الإجابة، والمنشور كان: “سؤال برسم الإجابة: هل تم إدخال أهالي الغوطة إلى الشمال السوري بعد تدقيق الأسماء وتوثيقها أم غير ذلك؟… وما أريد قوله هل تأكدنا من عدم وجود باصات مليئة بالضفادع الأسدية ودخلت الشمال المحرر باسم أهلنا من الغوطة لتفسد وتخرب من جديد؟.
المفاجئ أن معظم الإجابات و معظم التعليقات التي جاءت لذلك السؤال كانت كلها بمنحى واحد.. لدينا في الشمال الكثير من الضفادع.
كم هو محزن ومخيف هذا التفكير!؟
إذا كان لدينا في الشمال الكثير من العملاء والخونة هل يكون ذلك مبرراً لكي نسمح بإدخال المزيد منهم؟
القضية لا تقاس هكذا والأمور لاتعالج بهذه الاستسلامية، من البديهي عندما يكون عندك عميل يمكنه أن يوصل معلومة، لكن عندما يكون لديك اثنان فهذا يعني أن هناك معلومتين ستصلان.
الأخطر من ذلك، لو فرضنا أنه بيننا عميل بإمكانه أن يفجر سيارة مفخخة، لكن وجود عميلين يعني أن سيارتين مفخختين ستنفجران على أقل تقدير.
ثم هل من المبرر عندما يكون في بيتك حرامي أن تشرع بيتك لكل لصوص الدنيا؟
الحقيقة المرة أن الذي بات يهدد ثورتنا ليس خسارتها لبعض المساحات الجغرافية، وإنما حالة الفكر الإستسلامي والإنهزامي المسيطرة على البعض.
لا شك أن الثورة تمر بمرحلة حرجة، لكنها والحمد لله لا تزال شعلتها ملتهبة، ولم تنطفئ.
الثورة فكر ولا تحتاج إلى مساحات جغرافية كبيرة، ولا تحتاج إلى ملايين بشرية لكي تنتصر، الثورة كل ما تحتاجه قلوب مؤمنة بها بصدق وإخلاص.
ولنا في أهالي الغوطة أسوة حسنة، فأهلنا الأبطال في الغوطة، عندما تركوا بيوتهم ومدنهم وفضلوا الشمال السوري على الاستسلام للنظام هو بحد ذاته نصر، وهو صفعة موجعة لنظام مجرم يدعي بأنه دولة وحكومة أمام العالم.
ولنا في القرآن الكريم أمثلة عدة تدفع بنا إلى المضي قدما بثورتنا وتجعلنا نتفاءل بالنصر الأكيد بإذن الله.
فطالوت عندما مشى بجيشه وقت الحر الشديد وكاد جيشه أن يهلك من العطش، وقد انسحب منه الكثير، أتاه الفرج بنهر من الماء، لكن يأتي الاختبار الأعظم بعدم الشرب منه حتى الارتواء، سقط جنود آخرون بالاختبار وتركوا جيش طالوت ولم يبق معه إلا القليل، ولم يتوقف أمر الإنسحاب من الجيش والهروب من المعركة بعد كل هذه الاختبارات العظيمة ، فبعد النهر تساقط آخرون، عندما قالوا “لا طاقة لنا اليوم بجالوت و جنوده”، و عند المواجهة الأخيرة لم يبق معه إلا القلة القليلة، لكنها المخلصة، وعلى يدهم وبإيمانهم جاء النصر.
عذراً التعليقات مغلقة