قوبلت مظاهرة خرج بها أهالي دوما يوم الأربعاء برصاص جيش الإسلام، وانتشر عناصر مخابراته (الأمنيين) في صفوف المتظاهرين، منعاً لتصوير المشهد، لأنهم طالبوا الجيش بإخراج معتقلين لديه ممن يخالفونه الرأي، ومصارحتهم بشأن مصير المدينة.
في حزانو بإدلب، خرجت مظاهرة تنادي بإعدام الجولاني تجمع بها المئات من أهالي البلدة، وفي اليوم ذاته، طالب أهالي معرة النعمان تركيا بتحمل مسؤولياتها تجاه اتفاقية خفض التصعيد، أما سراقب فطالب أهلها بالتدخل التركي نتيجة يأسهم من ممارسات الفصائل وتخاذل المجتمع الدولي.
وفي إنخل بدرعا، خرج الأهالي ليومين متتاليين ضد هيئة تحرير الشام، بعد أنباء عن نيتها شن هجوم على اللواء 15 إحدى ثكنات قوات الأسد.
توضح الاحتجاجات الأخيرة تراجع الخطاب الوطني الجامع، حيث باتت الشعارات والهتافات تتباين بين بلدة وجارتها، لصالح هتافات تعنى بشأن المنطقة، أو لصالح فصيل بعينه، بعد أن كانت المظاهرات تمثل مطالب الشعب السوري والشعارات ذاتها تتردد من الجنوب إلى الشمال.
كما تعكس تلك المظاهرات الشرخ الكبير الحاصل بين الحاضنة الشعبية والفصائل العسكرية بمختلف توجهاتها، وانعدام الثقة بينهما في كثير من المناطق، ويعود ذلك إلى عدة أسباب أهمها صراع الفصائل على النفوذ ومجاهرتها بشعارات غير وطنية، وتدخلها السافر في شؤون الحياة المدنية والعامة والتضييق على أرزاق الناس وحرياتهم.
على الرغم من ذلك، تبقى المظاهرات تعبيراً عن الضمير الحي للسوريين، وتأكيداً على استحالة أن يستكينوا لظالم أياً كان، ورفضهم المطلق للاستبداد بكافة صوره.
تنكر قادة الفصائل للناس البسطاء الذين آووهم سابقاً، وبات جلّ ما يقدمونه دفع أبناء الشعب إلى معارك بينية أو محارق محتومة، عدا عن الممارسات الجائرة والتسلط والاستبداد، وهو ما فعله الكثير ممن تصدروا الكيانات الثورية، كلّ حسب اختصاصه، وأصبح محتوماً علينا استبدالهم بأناس وطنيين من ذوي الكفاءات، وتفعيل المحاسبة بشكل مستمر، وإجراء المراجعات النقدية بأسلوب موضوعي.
لقد أجهضت كل المحاولات السابقة في إيجاد قيادة جامعة للثورة، من قبل الأسد وداعميه، وداعمي الثورة وأبنائها أيضاً، وانتهى المطاف بالعديد ممن توفرت فيهم خصائص القيادة بالاغتيال، وفي الحقيقة فإن هذا المشروع لديه أعداء أكثر من الثورة ذاتها، لكنه السبيل الوحيد للخلاص وإنقاذ ما تبقى من مكتسباتنا.
الثورة مستمرة وهذا صحيح، لكنها مستمرة في حصد المزيد من الخسارات ما لم تنجح بتبني قيادات سياسية وعسكرية ومدنية تليق بتضحيات الشهداء وصمود من تبقى من السوريين.
عذراً التعليقات مغلقة