كان السوريون على يقين عندما قاموا بثورتهم أن فاتورة اقتلاع نظام الأسد لن تكون سهلة وستكون كثيراً من الدماء والدمار، لكن لم يكن يتخيل أحد من السوريين أن تصل تلك الفاتورة إلى هذا الحد، ولم تنتهِ بعد.
لم تعد مشكلة السوريين اليوم مع نظام الأسد -بعد أن أصبح صورياً- بقدر ما هي مع دول كبرى و على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا ومن بعدهما إيران وإسرائيل.
في بداية الثورة كان هناك تفاهم روسي أميركي إيراني إسرائيلي لدعم نظام الأسد، والحيولة دون سقوطه، وقد دفع السوريون ضريبة ذلك الاتفاق مئات الآلاف من الشهداء.
لكن اليوم لم يعد خافياً على أحد أن هناك خلافاً روسياً امريكياً وقد وصل إلى حد المواجهة المباشرة كما حدث في دير الزور، المنطق يقول -ومن المفروض- أن ينعكس هذا الخلاف إيجاباً على الثورة السورية، لكن ما يحدث هو العكس، فإذا ما غضبت روسيا من أمريكا صبت جام غضبها على السوريين الأبرياء، والأمر نفسه ينطبق على الأمريكان، وإذا أراد نظام الأسد المجرم أن يرد على إسرائيل ينتقم من الأبرياء السوريين.
الدم السوري يجري ليل نهار والطبخة السياسية القذرة لم تنته بعد.
المشكلة الحقيقية اليوم في سوريا لم تعد بالمجرم بشار الأسد أو نظامه، المشكلة الحقيقة اليوم هي كيفية اقتسام الفطيرة السورية المغمورة بدماء الأبرياء السوريين، والمعجونة بأشلائهم.
ما يريده الروس هو سوريا موحدة وحكومة سورية تكون استمرارية لنظام الأسد، والسبب ليس محبة بالسوريين أو حتى بنظام الأسد، وإنما لكي يضمنوا تنفيذ العقود والمعاهدات التي أبرموها مع نظام الأسد والتي تستمر لعشرات السنين، في استنزاف خيرات سوريا. ومن أجل ذلك هم يحاولون جاهدين الإبقاء على بشار الأسد أو على الأقل الحفاظ على نظامه.
بينما يريد الأمريكان تقسيم سوريا إلى فيدراليات أو دويلات، وذلك في سبيل إرضاء إسرائيل أولاً وفي سبيل إنشاء كيان كردي يكون كخنجر في الخاصرة التركية. ومن ثم يضمنوا لأنفسهم من خلال هذا التقسيم لب الكعكة (النفط ).
وفي ظل التطورات المتسارعة وجد الإيرانيون أنفسهم على الهامش فقام بالأمس مسؤول إيراني بالتصريح بأن إيران تريد حصتها من الكعكة السورية على غرار الطريقة الروسية بعقود طويلة الأمد كحق لها من الثروات السورية.
وفي المحصلة؛ مهما اتفق الفرقاء أو اختلفوا فإنهم جميعاً متفقون على استمرار المذبحة بحق السوريين الأبرياء.
ما يحدث في الغوطة الشرقية اليوم من مذابح بحق أهلنا الأبرياء يفوق التخيل البشري، والعالم كله يشاهد بأم عينه، لكن على قلوب أقفالها ودون أي ردة فعل تذكر، وكأن الإنسانية هي أولى ضحايا هذا الإجرام والذي يشارك وتشترك به كل دول العالم وبدون أي استثناء.
عذراً التعليقات مغلقة