يتساءل المواطن السوري ما الفرق بين الموت بقصف الطيران والموت بالكيماوي؟ حينما يستخدم نظام الأسد الأسلحة الكيماوية ويصب جام حقده على المدنيين يبدأ النواح ويكثر الحديث في أزقة الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان وبرلمانات العالم ومؤسساته العسكرية.
هل يهمهم الشعب السوري يا ترى؟
هل نزيف الدم وتناثر الجثث موت أقل وطأة من الموت بلا دماء؟
مما لا شك فيه هو أن العالم لم يكترث يوماً بما يحصل للشعب السوري الحر الذي نادى مطالباً بحريته من نظام استبد به على مدى عقود أربعة ولا زال الاستبداد يلاحقه على مرأى ومسمع العالم أجمع، الذي لم يقم ولو بجزء بسيط من واجباته الإنسانية لإيقاف نزيف الدم الذي ملأ شوارع سوريا، ويبدو أن مصالح الأنظمة العالمية هي المحرك لها حيث تتحرك بحسب مصالحها فإن تلاقت مصالحها مع مصلحة نظام ما لا يمكن أن يتم إزالته وإن لم تتلاقى المصالح ستساعد الأنظمة ذلك الشعب الذي ثار على الاستبداد.
الثورة السورية لم تسمى بالكاشفة مصادفة إنما لأنها كشفت الأقنعة عن منظمات العالم التي لطالما تغنت بالإنسانية وحقوق الإنسان، كما كشفت زيف تلك المؤسسات الدولية بدءاً من الأمم المتحدة وانتهاءاً بمنظمة حقوق الإنسان، وكلنا يذكر مجزرة الكيماوي في غوطة دمشق والتي راح ضحيتها المئات وربما الآلاف وحينما تقرر ضرب النظام من عدة دول عالمية وفي اللحظة الأخيرة تم إيقاف العملية، وهنا التساؤل يأتي لماذا؟ أعطى نظام الأسد ضمانات لدول العالم وعلى رأسها إسرائيل بأن يتم تسليم المخزون الكيماوي وبذلك تنتهي تلك الضربة، ولما تكررت عملية استخدام في عدة مناطق كخان شيخون ودوما وغيرها وكان الرد باستهداف مواقع للنظام كمطار الشعيرات، ولكن مما لا شك فيه هي ضربة أخ لأخيه أي أنها غير موجعة حيث تم فهم الرسالة عند القاصي والداني على أنها تحذير بأن لا يفرط نظام الأسد باستخدام الكيماوي لهذه الدرجة التي ستظهر الدول الكبرى بأنها راضية عما يحصل في سوريا من مجازر أو ربما بأمرهم.
والأمر المثير للسخرية هو تشكيل لجان دولية للتحقيق الذي لم ولن ينتهي لمعرفة الفاعل وهم على دراية مسبقة بالفاعل إن لم يكن بأمرهم وحتى اليوم البحث عن الفاعل مستمر ونحن في عصر السرعة الذي يمكن فيه كشف أسرار ملايين السنين ولم يتم كشف سر فاعل الضربات الكيماوية التي أودت بحياة الآلاف من السوريين ولا زالت تحصد أرواحهم بصمت.
ومما سبق نلاحظ بأن الأنظمة كلها لها مصالح ببقاء الأسد وعلى رأسها اسرائيل التي لم ولن تجد كبشار الأسد حامياً لحدودها التي لم تتعرض لطلقة على مدى 40 عاماً ولكن حينما يأتي الوقت الذي تتخلى فيه اسرائيل عن طفلها المدلل سيتم إزالته بلمح البصر.
لذلك دعونا لا نتفائل كثيراً بالتطبيل والتزمير الذي يصدر من أمريكا وأخواتها باستهداف مواقع النظام إذا عاد واستخدم الكيماوي، فمن لم يردعه بارتكابه مجازر بالسكاكين والقصف والغارات العشوائية لن يوقفها حتى لو استخدم الكيماوي.
عذراً التعليقات مغلقة