لجين مليحان
إنها ساق “أبو طوني” …
“أبو طوني” رجل سوري في العقد الخامس من العمر، من أبناء مهد الثورة، درعا، يعيش في حي السيبة بدرعا البلد، إلى الشمال من الجامع العمري، والحي شبه مهجور جراء تدمير أجزاء واسعة منه نتيجة القصف المتكرر، ولكن “أبو طوني” لايزال متمسكاً بالحي رغم الدمار الهائل، ويعيش على ذكريات الفترة التي كان فيها أحد عناصر الجيش الحر، هو وأبناؤه الشباب، قبل أن يضطر لترك صفوف الثوار والانتقال لنضال جديد في بيع الخبز.
فقد “أبو طوني” ساقه نتيجة إصابته بقذيفة هاون أدت إلى بترها واستشهاد ابنته الصغيرة، ولكن الأمل وعزيمة وأصرار “أبو طوني” على متابعة حياته ونضاله، دفعته لتركيب ساقاً اصطناعية تعينه بالمشي ومتابعة حياته وظروفها الصعبة في ظل حرب ضروس، ورغم فترة هدوء مرت بها المنطقة إلا أن قوات الأسد عادت لتمارس إجرامها، وتقصف من جديد، ليصاب “أبو طوني” ويفقد قدمه الاصطناعية بشظايا صاروخ الفيل الذي سقط على الحي أمس.
لكأن هذا النظام المجرم يحسد “أبوطوني” على ساقه البديلة أيضاً ولم يشبع رغبته الإجرامية ببترها أول مرة، بل يريد قطعها مرات عديدة، حتى ساقه الأخرى التي لم تمر سنة على تعافيها من الإصابة الأولى تصاب من جديد!
ساق “أبو طوني” البديلة تحكي القصة كلها دون أي كلمة، إنه زمن الأطراف الصناعية والقلوب الاصطناعية، والمشاعر الاصطناعية التي جعلت العالم كله يقف متفرجاً على مسلسل القتل في سورية وكأنها تشاهد فيلم “رامبو”!!
عذراً التعليقات مغلقة