درعا – حرية برس:
رياح تزيد من سرعتها يوماً بعد يوم، وغيوم تجمع أشلاءها وتتلبد في السماء، في انتظار وترقب؛ إنه فصل الشتاء على الأبواب فيه تفرح الأرض ،فغيومه ورياحه تبشرها بالخير، بالأمطار، بالحياة.
لكن للشتاء معنى آخر في مفهوم أرض حوران؛ ففيه تنخفض درجات الحرارة، لترتفع معها آلام أرضها التي تفقد كل عام المزيد والمزيد من روحها بحلول فصل الشتاء.
لشجرة الزيتون في حوران قصة نجاح منقطع النظير، حيث اجتمعت العناصر المثالية لازدهار هذه الشجرة المباركة؛ فقد وفر مناخ حوران المتوسطي، وتربتها الخصبة، ومياهها الوفيرة وخبرة أهلها الطويلة في الزراعة البيئة المثالية لازدهار زراعة الزيتون وانتشارها في البساتين والكروم وفي جنبات البيوت وفي الحدائق وكل مكان تقريباً، لتزين محافظة درعا وتزيدها جمالاً.
ونتج عن ذلك ازدياد عدد معاصر الزيتون وزيادة الإنتاج من زيت وثمر الزيتون الذي كان يفيض عن حاجة المحافظة فيصدر لمحافظات أخرى أو لخارج سوريا. كما أتاح فرص عمل للكثيرين من أبناء درعا في قطاف الزيتون والعناية بأشجاره والمعاصر.
ولكن هذا النجاح لم يكتب له الاستمرار، فشجرة الزيتون في درعا اليوم توفر فرص عمل للحطابين أكثر مما توفره لمن يقطف ثمارها.
فقد تسبب انعدام التيار الكهربائي بصعوبة كبيرة في سقاية تلك الأشجار، وعلى من يريد سقايتها أن يشتري الماء من الصهاريج، وهو ما لا يقوى المزارعون على تحمله.
أما انقطاع الديزل، الذي كان وقود التدفئة الرئيسي للسوريين، دفع الأهالي لاستخدام الحطب، لتكون شجرة الزيتون ضحية الشتاء المفضلة.
أسباب المعاناة لا تقتصر على ما سبق، حيث عمد جنود قوات الأسد إلى قطع الكثير من البساتين في محيط مناطق سيطرتهم انتقاماً من أهالي المناطق الثائرة أو من شخص بعينه، أو في محيط الحواجز التي تشكل تماساً مع مناطق سيطرة الثوار، تحسباً لهجوم قد يطرأ عليهم.
يقف مزارعو الزيتون في درعا مكتوفي الأيدي وأشجارهم شاحبة بلا إنتاج؛ ويضطر المزارع لبيع بستانه إلى حطاب يدفع له القليل ليعيل به أولاده.
- إعداد طارق المليحان – تحرير براءة بركات
عذراً التعليقات مغلقة