نوار الشبلي
في مسرحية غدا الممثلون فيها معروفين حد السخرية لكثرة تكرارها، ولا ندري هل وصلنا إلى مشهدها الأخير، دارت في اليومين الماضيين اشتباكات دموية بين قوات الدفاع الوطني التابعة لنظام الأسد وقوات حماية الشعب التابعة للإدارة الذاتية في مدينة القامشلي شمال مخافظة الحسكة!
حلفاء الأمس لم يتركوا للشك مكاناً في نفوسنا أنهم حلفاء اللحظة لضرب ثورة شعب قام بها للخلاص من الاستبداد والظلم، وأنهم سيصدمون عاجلاً غير آجل.
الاشتباكات المتواصلة على مدار يومين تخللتها فترات استراحة تجري خلف كواليسها مفاوضات ومحاولات لملمة الأمر الجلل، ونشطت لجان مصالحة بين الطرفين، لم تعثر على حل بعد، ولكنها ستجده لا محالة، فانتهازية الطرفين تكفي للاتفاق مجدداً ..على الشعب.
ومع اختلاف الأسباب في كل مرة يحصل فيها اشتباك، وبغض النظر عن الطرف البادئ، فإن مليشيا الدفاع الوطني أداة النظام الضاربة، يتغاضى النظام عن ضربها من قبل حلفائه في كل مرة، فتكون (كبش الفدا) ضماناً لاستمرار المسرحية الميلودرامية والتي اعتادها الشارع في مدينتي الحسكة والقامشلي، فيما يكون ضحاياها مدنيين في أغلب الأحيان، ومن ثم يتصالح الطرفان بوسيط محايد، ويا دار ما دخلك شر.
وتكشفت أمس إحدى فصول المسرحية/ مع ابتداء موجة نزوح وبالأخص من حي طي العربي، الذي جرى عند مدخله انفجار مجهول الفاعل، بالإضافة طبعاً إلى عائلات أخرى سواء من سكان المدينة أو من النازحين.
ولكن الصدفة هذه المرة أن الأحداث جرت عقب مطالبة مسؤولان من المجلس الوطني الكردي من صالح مسلم فك ارتباطه بالنظام وانضمامه للثورة، ويبدو كأنما موقف المجلس هذا يأتي لتضمحل الحجة الواهية بأن أكراد سوريا غير ممثلين في محادثات جنيف، والتي يستغلها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي بقيادة صالح مسلم، حيث عُقد مؤتمر صحفي يوم الأربعاء في جنيف من قبل عضوين في الهيئة العليا للتفاوض هما: فؤاد عليكو ممثل المجلس الوطني الكردي في الائتلاف ونائب رئيس الائتلاف، وعبدالحكيم بشار، وذلك لتبيان دور الأكراد ومشاركتهم في المفاوضات، ممثلين بثلاثة أعضاء من المجلس الوطني الكردي الذي يمثل أغلبية المكونات الكردية السياسية، ومشاركته بالقرارات المنبثقة عن هيئة التفاوض، بالإضافة إلى إلقاء الضوء على معاناة الأكراد التي استمرت 70 عاماً.
ورغم أن المجلس الكردي لا يحيد مطلقاً عن رؤيته المستقبلية لإقامة دولة فيدرالية، إلا أنه يرفض تماماً -أو يُظهر رفضه- للهيمنة بقوة السلاح من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وخاصة عقب إعلانه الفدرالية في 17 آذار/مارس من العام الحالي، بثلاث مناطق في سوريا هي: الجزيرة، عين العرب (كوباني) وعفرين.
وفيما كثُرت التكهنات في هذا الموضوع، جرى يوم الأربعاء اعتصام في قرية معبدة لأنصار حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي PYD أسموه بـ “الخيانة” متهمين فيه مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان العراق والوفد المشارك في مباحثات جنيف وخاصة العضوين “عليكو” و “بشار” بالتواطؤ “ضد مكتسبات الإدارة الذاتية في سوريا” بحسب قول “حسين كوجر” القيادي في حركة المجتمع الديمقراطي ومسؤول لجنة العلاقات العامة في وحدات حماية الشعب YPG .
وأمام حالة التخبط هذه التي يعانيها الحزب، وفي ضوء ذلك كله هل سيدسل الستار على المشهد الآخير بانضمام صالح مسلم إلى صفوف المجلس الوطني الكردي؟!
أم أن ما كسبه صالح مسلم وحزبه بالقوة والدم أكبر من أن يقدمانه هدية لشركائهم الكرد، ولو من باب الشراكة الإسمية؟!
يبدو أن العدم سمة ملازمة لنتاج مسرحيات الميليشيات الكردية في عموم المنطقة، ولن تكون السورية منها أفضل حظاً بحصاد ليس هو العدم!
عذراً التعليقات مغلقة