أوضح كتاب بعنوان “الهويات الافتراضية في المجتمعات العربية” للباحث والإعلامي المغربي عبد الحكيم أحمين، أن مفهوم الهويات بالعالم العربي والإسلامي الذي تتداخل فيه عناصر اللغة والدين والتاريخ، بدأ يتناسل إلى هويات صغرى في ظل التركز على عناصر العرق أو الطائفة أو القبيلة/المنطقة.
ويهدف الكتاب الصادر حديثا عن دار الأمان بالمغرب أساسا، إلى إماطة الحجب التي تحول دون رؤية الهويات المتعددة والمتصارعة التي ظهرت في الواقعين الحقيقي والافتراضي، وإلى التعريف بها وكيفية نشوئها، ويوضح بعض عناصرها ومقوماتها وسماتها، ويحلل ما تثيره من آلام وآمال.
ويركز الكتاب على مواقع التواصل الاجتماعي لأنها صارت منبرا لملايين الناس، ليوضح الأجواء المحيطة بهذه الهويات في الفضاء الافتراضي الذي كشف ما كان مستورا وخاملا من القضايا والإشكاليات والهويات، ومنحها الوسيلة للتعبير عن نفسها، أو الترويج لرؤيتها للحياة الخاصة والعامة، أو الإفصاح عن مرجعيتها وأيديولوجيتها ومطامحها.
وصار ذلك الفضاء الرقمي حلبة تعجّ بخطابات متنوعة -وأحيانا متضاربة- عن الهوية، وتشهد ميلاد هويات جديدة وأخرى تقليدية تبحث عن موطئ قدم لها بين نظيراتها.
ولاحظ المؤلف أنه مع تعاقب الخطوب القاصمة لظهر العالم العربي والإسلامي خاصة (هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 وغزو أفغانستان واحتلال العراق 2003..) بدأت تبرز بين الفينة والأخرى تقسيمات قديمة لأبناء البلد الواحد من قبيل: شيعة وسنة وأكراد…
وبفعل تأثير الإعلام الغربي وعزفه على وتر تلك التقسيمات، بات الإعلام العربي يروّج لها، ثمّ تطور الأمر لإحياء هويات من الماضي لتصير هويات جديدة، تبحث لها عن سند شعبي في هذا التجمع البشري أو ذاك على خلفية انتماء عرقي أو ديني أو طائفي.
ومع رياح الربيع العربي ازدادت الهوية الإسلامية حضورا، لكن الأمر اكتسى طابعا حادا في سوريا والعراق واليمن، حيث تطورت الأمور لمواجهات بين عدد من الهويات القديمة الجديدة، وانقسمت الهوية الإسلامية العامة إلى هويتين مذهبيتين كبيرتين: “الهوية الإسلامية السنية” و”الهوية الإسلامية الشيعية”.
ينقسم هذا الكتاب -الذي يحمل عنوانا فرعيا “أي دور لمواقع التواصل الاجتماعي في تشكيل الهوية؟”- إلى فصل تمهيدي يتضمن الإطار المنهجي للدراسة، وفصلين نظريين، ودراسة تطبيقية، إضافة إلى خاتمة وملاحق.
عذراً التعليقات مغلقة