لعلها النظرات الأخيرة قبل الوداع.. حيث يحاول أبو أحمد وهو يحمل ما خف وزنه من بقايا ثياب وحاجيات عابقة بالذكريات، يحاول أن يحفظ شكل قريته جيداً قبل أن يغادرها .. ربما الى الأبد ..
أبو أحمد الرجل الذي بلغ من العمر 50 عاماً لم يتوقع أنه سيأتي يوم وتصبح رؤية قريته وبيته حلماً يصعب تحقيقه..
“قصف ودمار ومجازر بحق أهلي وجيراني في القرية”، بهذه الكلمات يحاول أن يشرح أبو أحمد السبب وراء رحيله، وكأنه يحاول تبرير فعلته.. بل كأنه متهم بالخيانة.. فهو يعتقد بأنه خان أصدقاءه الذين بقوا ولم يغادروا..
بعيون منكسرة وكلمات تعلق بين زفرات حزنه، ووجه متعب يحاول أن يخفيه عن نظراتنا، يحاول أن يبرر: “أنا لست مثلهم لكي أبقى، لدي أطفال وزوجة وأمي، يجب أن أفكر في سلامتهم ومستقبلهم وأعتني بهم، أصدقائي الذين بقوا رجال بمفردهم، لو كنت مثلهم لما غادرت”.
ينهي أبو أحمد حديثه ويطلب من عائلته الاستعداد، الآن سوف يرحلون، هجرتهم سوف تكون إلى تركيا حيث بعض أقاربهم الذين سيساعدوهم الى أن يستقروا.
ليست قصة “أبو أحمد” وحده.. إنها قصة التهجير السورية التي لم تتوقف منذ 7 سنين..
قصة “أبو أحمد” الرجل الذي أجبر على ترك قريته في جبل الأكراد في ريف اللاذقية تختصر قصص مئات آلاف السوريين الذين أجبروا هم أيضاً على الرحيل.. نحو المجهول والموت كمداً على فراق وطن كان أبهى من الحلم.
عذراً التعليقات مغلقة