نوار الشبلي
هو العاصي ذلك النهر الصامد العصي كسكان ضفافه ،استخدمه نظام الأسد أداة لمعاقبة أهالي ريف حمص الشمالي في عام 2013 فقام بفتح سد قطينة هادفاً من وراء ذلك إغراق المحاصيل الزراعية ومن ثم قام بعدها بإغلاقه فأدى ذلك إلى جفاف الأراضي الزراعية، فالنهر هو المصدر الرئيسي لري تلك الأراضي.
فيما كان المنفذ الوحيد لتركيا ، حيث لجأ النازحون إليه مستخدمين قوارباً خشبية من صنع الثوار ويتم نقل الجرحى فيها مسافة 2 كم عبوراً إلى تركيا، فكان الجرحى يتجمعون في قرية عازمارين في ريف إدلب ليتم نقلهم بالقوارب إلى الضفة الأخرى عل الجانب التركي حيث كانت تنتظرهم وحدات مؤقتة للإسعافات الأولية مجهزة بسيارات إسعاف يرافقها أطباء لتقل الجرحى إلى مستشفيات انطاكية بينما هناك حافلات لنقل النازحين إلى مخيم هاتاي.
وفي الأعوام الأولى للثورة كان يعتبر العاصي معبراً مهماً فمنه تصل الإمدادات الطبية واللوجستية للجيش الحر، بالإضافة إلى المساعدات التي كان سكان قرية حاجي باشا التركية الواقعة على ضفة النهر، خصوصا أن المناطق والمدن المحاصرة تطل على النهر كإدلب وحماة وحمص.
ارتبط نهر العاصي بذكرى وفاة ابراهيم قاشوش الذي نشط في قيادة المظاهرات التي تهتف بإسقاط الرئيس والذي اشتهر بأنشودة (يلا ارحل يا بشار) وعلى إثرها قامت قوات الأمن باعتقاله وذبحه ولم تكتف بذلك فاقتلعت حنجرته وألقته في نهر العاصي.
بعدها شهد العاصي عدة مجازر قامت بها قوات الأسد مدعومة بمليشيات طائفية، ففي حزيران من العام 2011 قامت قوات الأمن في مدينة جسرالشغور برمي المتظاهرين الذين تم اعتقالهم بنهر العاصي عقب إعدامهم، لتتوالى بعدها المجازر كمجزرة التريمسة في 12 تموز/ يوليو من العام 2012 بريف حماه، ومجازر أخرى في عدة مناطق في ريف حمص الشمالي.
وللعاصي في ذاكرة أهالي مدينة القصير لوعة وشجون، فقد استفاقوا في يوم 24 آب/أغسطس 2011 على أشلاء 30 شهيداُ، ودماؤهم تجري في العاصي، بالإضافة إلى مائة مفقود، يومذاك واجه النقيب المهندس معن عبد الكريم الكنج مع نحو أربعمائة شاب (136) آلية عسكرية بينها أكثر من ثلاثين دبابة، تعرض خلالها الحي الغربي من المدينة لقصف عنيف، ولجأ مئات الشباب من الأهالي وهم من الناشطين في التظاهر السلمي إلى مناطق البساتين غرب العاصي حيث حدثت المجزرة، لتليها مجازر عدة إلى أن وقعت المدينة بأيدي قوات الأسد ومليشياته الطائفية.
ولعل أشهر المجازر أيضاً مجزرة قرية تسنين في الأسبوع الأول من العام 2013 والتي راح ضحيتها المئات بين شهيد ومفقود، لتليها في 15 من يناير/كانون الثاني 2013 مجزرة الحصوية، كما مجزرة قرية عيون حسين و مدينة تلكلخ وغيرها من المجازر المروعة.
ليتحول بعدها نهر العاصي من نهر يحكي قصص العشاق على ضفافه إلى نهر تحكي كل قطرة ماء منه قصة شهيد وآخر لحظات عمره الذي قدمه فداء لوطنه، ماسحاُ آخر دمعة من عيونٍ كان أخر ما رأته.. العاصي.
عذراً التعليقات مغلقة