قال في صمت: ماذا ترى؟
ماذا ترى يا ناسجاً قصص الرجال .. يا ناقلاً قصص البلاد للبلاد
أأعجبتك عيوني؟ أم سرحت في مرآتها؟ ماذا رأيت؟
هل رأيت أسراري كلها ؟ هل شاهدت ما شهدت؟
تكلم أرجوك؟ هل ستخبر العالم بصورتك من أنا؟ أرجوك عدني؛ بأنك ستبقي على ما شهدته في عيوني سراً، فالكاميرات لا تنقل الحقيقة كلها .. هي فقط .. هي العيون تفقه ما في العيون
لا تخبر أحداً باني هربت وأهلي من بلدتي المدمرة بعد أن استراح سقف بيتنا أرضاً بفعل صواريخ الطائرات
لا تخبر أحداً أني في بلدتي فقدت رفقتي وخالي العزيز .. لا تخبرهم عن تمرد المقبرة خارج السور
لا تخبر أحداً بأني أعيش في خيمة قماشية لا تساوي مساحتها غرفتي في منزلنا القديم
لا تخبرهم أني لا أذهب إلى المدرسة مثل ما حلمت .. ولا تخبرهم أني لم أشترِ ثياب العيد كما عهدت
فلقد كذبت عليهم وأخبرتهم أني طفل مدلل أشقر لي عينان زرقاوان .. محبوب ولدي غرفة لوحدي في منزلنا المعرق بالرخام مليئة بالألعاب
وأني أرافق أبي في كل يوم بالسيارة إلى مدينة الألعاب والملاهي بعد أن أنهي دوامي في المدرسة .. وأني كل يوم أشتري ثياباً جديدة لأن حياتي كلها عيد
وأخبرتهم بأن والدي اشترى لي دراجة جميلة زرقاء اللون من وحي عيوني لأني أخدت مرحى من مدرستي بعد تفوقي على طلاب الصف .. وأني وعدت المعلمة بأني عندما أكبر سأصبح مهندساً يورث الأرض جمالاً يزيد جمالها
ولأبني وأعمر كل ما هدم في وطني وحياتي لأعيش أحلامي كلها حقيقة .. لأعيش كذباتي كلها حقيقة
لأني لست مذنباً لأعاقب .. فأنا لست من فعل ما حصل معي.
نص وتصوير: أدهم الخولي
عذراً التعليقات مغلقة